كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
قال ابن عباس: دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1) على ميمونة فجاءتنا بإناء من لبن فشرب النبي -عليه السلام- وأنا على يمينه وخالد على شماله فقال لي: "الشربة لك فإن شئت آثرت بها خالدًا" (¬2)، فقلت (¬3): ما كنت لأؤثر على سؤرك أحدًا، ثم قال -عليه السلام-: "من أطعمه الله طعامًا فليقل اللهمَّ بارك لنا فيه وأطعمنا خيرًا منه، ومن سقاه الله لبنًا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه" (¬4). وعن أبي هريرة عنه -عليه السلام-: "نزل عليّ ملكان بأربعة أقداح لبن وعسل وخمر وماء فقالا: إن يشرب الخمر يغو وتغو أمته، وإن يشرب العسل يسفه وتسفه أمته، وإن يشرب الماء يغرق وتغرق أمته، وكنت رجلًا أحب اللبن فأخذت قدح (¬5) اللبن فشربت منه ثلاثة أنفاس، فصعد الملكان وهما يقولان: رشد ورشدت أمته الحمد لله الذي هداه للفطرة لشرب إبراهيم -عليه السلام- (¬6).
{سَكَرًا} خمرًا وهو نقيع التمر والزبيب إذا اشتد قبل الطبخ، عن ابن مسعود أن رجلًا به صفار أتاه فسأله عن السكر فنهاه (¬7) {وَرِزْقًا حَسَنًا} هو المطبوخ من نبيذ التمر والزبيب التي من عصير العنب، وقيل: نزلت قبل تحريم الخمر.
¬__________
= والطبراني في الكبير (9163، 9164)، والبزار في مسنده (1450)، وابن حبان (6075)، والحاكم (7425)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (6664) والحديث حسن.
(¬1) (- صلى الله عليه وسلم -) ليست في "أ".
(¬2) الترمذي (1978)، وأحمد (1/ 220، 225)، والحميدي في مسنده (482)، والبيهقي في الشعب (5957)، والحديث حسن.
(¬3) في "ب": (فقال).
(¬4) الترمذي (3455)، وابن ماجه (3322)، وأحمد (1/ 522، 284) والحديث حسن.
(¬5) (قدح) من "أ" فقط.
(¬6) لم نجده بهذا اللفظ لكن قريبًا منه حديث أنس مرفوعًا في صحيح البخاري (كتاب الأشربة - باب شرب اللبن (10/ 70 - الفتح) وهو حينما أسري به قال: "فأتيت بثلاثة أقداح: قدح فيه لبن، وقدح فيه عسل، وقدح فيه خمر، فأخذت الذي فيه اللبن فشربت فقيل لي: أصبت الفطرة أنت وأمتك".
(¬7) قريبًا منه عند ابن أبي شيبة (23832).