كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

{لَا تَجْعَلْ} خطاب النبي والمراد به أمّته، {فَتَقْعُدَ} فتبقى، و (الخذلان) ضدّ النصرة.
{وَقَضَى رَبُّكَ} نزلت في سعد بن أبي وقاص كان قد أسلم وله أم مشركة تشتمه وتطرده عن بيتها ويعود عليها بالجميل أخرى (¬1)، وكان سعد متقدم الإسلام لم يتقدمه إلا زيد بن حارثة وأبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب، {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} نهي عن التأفيف ونص عليه يدل بفحواه (¬2) على ما فوق ذلك أدخل في النهي، كما أن مثقال ذرة ومثقال حبَّة يدلان أن ما فوقهما أدخل في الجزاء والحساب، {وَلَا تَنْهَرْهُمَا} ولا تزجرهما، {قَوْلًا كَرِيمًا} هو مقالة الرجل الكريم. عن أنس، قال: بعث رسول الله في بعض أمره فقال: أوصني، فقال: "أوصيك أن تبرّ بوالديك" قال: زدني، قال: "أوصيك أن تبر بوالديك"، قال: زدني، قال: "أوصيك أن تبرّ بوالديك (¬3)، فإنهما جنتاك" (¬4).
وعن أبي هريرة قال: قال رجل: يا رسول الله، من أحق بحسن الصحبة مني؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أبوك" (¬5). عن محمَّد بن صدقة [أن رجلًا أتى النبي -عليه السلام-] (¬6)، فقال: أتيتك لأجاهد معك، وتركت والديّ يبكيان، قال: "فانطلق فأضحكهما كما أبكيتهما" (¬7).
¬__________
(¬1) ذكره القرطبي في تفسيره (10/ 145).
(¬2) في الأصل و"أ": (بدل نفجوة).
(¬3) المثبت من الأصل وفي الجميع (والديك).
(¬4) عزاه في الدر المنثور (9/ 313) لأحمد في الزهد (ص 66) من قول موسى -عليه السلام- عن وهب بن منبه.
(¬5) مسلم (2548) كتاب البر والصلة، باب بر الوالدين.
(¬6) ما بين [...] ليس في "ب".
(¬7) عن محمَّد بن صدقة: لم نجده وإنما هو حديث مشهور عن عبد الله بن عمرو، رواه أبو داود (2528)، والنسائي (7/ 143)، وابن ماجه (2782)، وأحمد (2/ 160، 194، 198، 204) وهو حديث حسن.

الصفحة 1101