كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

إلى ذلك على نشاط منهم ورضا فرحين غير مكرهين، وبظنهم أنهم لم يلبثوا إلا قليلًا استيقانهم عند ذوق السيف أنهم لم يؤجلوا بعد الوعيد إلا قليلًا.
{وَقُلْ لِعِبَادِي} قال ابن عباس: كان أصحاب (¬1) رسول الله بمكة يؤذيهم المشركون بالقول والفعل فشكوا ذلك إلى رسول الله -عليه السلام- فأنزل (¬2): {لِعِبَادِي} المسلمين، {هِيَ أَحْسَنُ} من القول بردّ السلام بلا فحش، {يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} وبين الكفار.
{وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} قال-عليه السلام-: "سألت ربي مسألة وددت أني لم أسالها إياه قط، قلت: اتخذت إبراهيم خليلًا، وكلمت موسى تكليمًا، وسخرت مع داود الجبال يسبِّحن، وأعطيت سليمان كذا وكذا وأعطيت فلان كذا وكذا، فقال لي: ألم أجدك يتيمًا فآويتك؟ قال: قلت: بلى، قال: ألم نشرح لك صدرك؟ قال: قلت: بلى، قال: ألم أرفع لك ذكرك؟ قال: قلت: بلى، قال: ألم أجدك ضالًا فهديتك؟ قال: قلت: بلى، قال: ألم أجدك عائلًا فأغنيتك؟ قال: قلت: بلى، قال: ألم أضع عنك وزرك؟ قال: قلت: بلى، قال: ألم أوتك ما لم أوت نبيًا قبلك خواتيم سورة البقرة؟ قال: قلت: بلى، قال: ألم أتخذك خليلًا كما اتخذت إبراهيم خليلًا؟ " (¬3)، كان سؤاله على وجه التواضع والاعتراف بفضل الأنبياء ورفعة منازلهم تعرضًا لزيادة رتبته إلا (¬4) أنه نسي إحسان الله واستحقر نعم الله تعالى ففهمه الله تعالى (¬5) على أنه بلغ أجل المراتب
¬__________
(¬1) (أصحاب) ليست في "ب".
(¬2) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (5/ 46)، والواحدي في أسباب النزول ص 195، وهو ضعيف.
(¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (10/ 3445) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعًا، وذكره ابن كثير في تفسيره (8/ 452).
(¬4) في "أ" "ي": (لا).
(¬5) (ففهمه الله تعالى) ليست في "أ".

الصفحة 1109