كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

التي بها يتسلطون على من هو أقوى منهم، {وَفَضَّلْنَاهُمْ} في كونهم مستأهلين لدين الإسلام مدعوين إلى دار السلام بخلاف الشياطين والأنعام.
{يَوْمَ} نصب على الظرف (¬1)، {بِإِمَامِهِمْ} تقدمهم وداعيهم إلى الخير والشر يدلّ عليه ظاهر الخطاب وقوله: {أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} [هود: 60]، {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46]، وقيل: الإمام ما أسلفه كل إنسان في كتابه يدل عليه فحوى الآية، وقوله: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يونس: 30]، {وَلَا يُظْلَمُونَ} معطوف على {يَوْمَ نَدْعُو}.
{فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى} إنما جاء التفضيل على لفظة أعمى عند الفراء بخلاف التفضيل في الألوان؛ لأنّ المراد به عمى القلب (¬2) وعمى القلب من فعل الإنسان بغفلته يجوز أن يقال: فلان أعمى من فلان في القلب ولا يجوز في العين، وقال بعض النحويين: كل نعت على أفعل والفعل منه ثلاثي عار عن الزيادات الملحقة بالتفصيل فيه على لفظة أفعل جائز، تقول: عمي وزرق (¬3) وعشي فهو أعمى وأزرق وأعشى (¬4) من فلان، وأنكره (¬5) الفراء (¬6) لأن الكثرة في هذه الأفعال غير متصورة والتفضيل يكون (¬7) بعد الكثرة كالمبالغة.
{وَإِنْ كَادُوا} بمعنى قد (¬8) كقوله: {إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى: 9]
¬__________
(¬1) قاله ابن عطية والحوفي والنحاس وجعلوا العامل فيه "فضلناهم" لكن الزجاج قال: إنه منصوب
بـ"ثم لا تجدوا"، وذهب أبو القاء العكبري إلى أنه منصوب بما دلّ عليه وهو "لا يظلمون".
[الإملاء (2/ 94)، البحر (6/ 62)، معاني القرآن للزجاج (3/ 252)، إعراب القرآن للنحاس (3/ 252)].
(¬2) في "ب": (القلوب).
(¬3) في "ب" "ي": (ورزق) بتقديم الراء على الزاي.
(¬4) في الأصل: (وأعينى) وفي "ب": (وأعسى) وكلاهما خطأ.
(¬5) في "أ": (نكرة).
(¬6) ذكره الفراء في معانيه (2/ 127) وفصل القول في ذلك.
(¬7) (يكون) ليس في الأصل.
(¬8) لم أجد من قال: إنَّ "إنْ" في هذه الآية بمعنى "قد" والمشهور فيها مذهبان: الأوّل: وهو مذهب البصريين: أنها مخففة، واللام فارقة بينها وبين "إنْ" النافية، =

الصفحة 1115