كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

{وَمَا كَانُوا} للجحد، والكينونة إذ اقتضت جوابًا فهي بمعنى الصيرورة كما هي ها هنا. إذ الاهتداء خبرٌ لها. والاهتداء يقرُبُ من البَصَارة والإصابة.
{مَثَلُهُمْ} شبّه المنافقين. والمثَل (¬1): صفةٌ يوجد لها المثلُ على وجه المقاربة والموافقة (¬2) دون المُشاكلة والمُجانسة، ثم تؤولُ هي ومثلها جميعًا إلى مدحٍ أو ذم. والكلام الذي يُسمى مثلًا هو: قولٌ سائرٌ يتلفظُ به عند تشبه حال الثاني بالأول. وضَرْبُ المثل: وضعُهُ (¬3).
{اسْتَوْقَدَ} (¬4) أي: أوقد (¬5) وهي ضد أطفأ. والنارُ هي: الجسمُ اللطيفُ المحرق، والنورُ عَرَضٌ فيه.
{فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} و"لما" ظرفُ زمانٍ ماضٍ لا يتم إلا
¬__________
(¬1) قال المُبَرِّد: المَئَلُ: قول سائرٌ يُشَبَّهُ به حالُ الثاني بالأول، والأصل فيه التشبيه، وقال ابن السكيت: المثل لفظ يخالف لفظ المضروب له، ويوافق معناه معنى ذلك اللفظ، شبهوه بالمثال الذي يُعْمَلُ عليه غيره. ويقال مَثَل ومِثْل ومثيل وكلها تجمع على أمثال. قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43)} [العنكبوت: 43] [مجمع الأمثال للميداني 1/ 7].
(¬2) (الموافقة) ليست في (أ).
(¬3) (وضعه) ليست في (أ).
(¬4) كتب في هامش النسخة (ي): (الذي) هنا مفرد في اللفظ والمعنى على الجمع بدليل قوله تعالى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} وما بعده [و] وقوع المفرد موقع الجمع وجهان: هو الجنس مثل (مَنْ) و (ما) فيعود الضمير تارة بلفظ المفرد وتارة بلفظ الجمع.
والثاني: أنه أراد [الذين] فحذفت النون لطول [الكلام بالصلة، ومثله: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} ثم قال: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}] ا. هـ انظر الإملاء للعكبري (1 /؟؟)
(¬5) "استوقد" بمعنى أوقد وهو رأي الأخفش، ومنه قول الشاعر [ينسب إلى كعب بن سعد الغنوي]:
وداعٍ دَعَا يا مَنْ يجيب إلى النَّدَى ... فلم يستجبه عند ذاكَ مُجِيبُ
يريد: فلم يُجِبْهُ.
[تفسير الطبري 1/ 235 - الأصمعيات ص 96 - طبقات فحول الشعراء 1/ 213 - أمالي القالي 2/ 151 - معاني القرآن للزجاج 1/ 48].

الصفحة 112