كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

الذين ينكرون النبوة وينسبون الأنبياء إلى النواميس من المخاريق وهم طائفة من الفلاسفة.
{يَمْشُونَ} يتقلبون فيها، {مُطْمَئِنِّينَ} مقيمين غير محتارين، أو مطمئنين على قضية العقل أو على ملة واحدة، {عَلَيْهِمْ} على هؤلاء الملائكة الذين يكونون سكان الأرض وأهلها وإنما لا يجوز الإرسال إلا حبسهم لأجل اللبس والابتلاء، قال الله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (9)} [الأنعام:9].
{عُمْيًا وَبُكْمًا} قال الكلبي والضحاك: عن الحجة (¬1) وهما عن الخير، {خَبَتْ} سكنت. وقيل: طفيت، وقيل: سكن لهبها وهي حية لم تبطل بعد. أبو هريرة عنه -عليه السلام-: "يحشر الناس يوم القيامة، ثلاثة أصناف: صنفًا مشاة وصنفًا ركبانًا وصنفًا على وجوههم" قيل: يا رسول الله، وكيف يمشون على وجوههم؟ قال: "إنهم يتقون بوجوههم كل حَدَب وشوكٍ" (¬2)، وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي -عليه السلام- (¬3): "إنكم محشورون رجالًا وركبانًا وتجرّون على وجوهكم" (¬4).
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ} وجه (¬5) الإلزام أنهم كانوا معترفين بأن (¬6) الله خلق السماوات والأرض وبأنه: {قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} من ماء مهين، وبأنه جعل لأعمارهم غاية ينتهي إليها فوجب عليهم الاعتراف بقدرة الله على البعث؛ فإن البعث في الوهم دون ما اعترفوا بالقدرة عليها.
¬__________
(¬1) ورد هذا المعنى عن ابن عباس عند ابن جرير (15/ 93، 94)، وذكره القرطبي عنه وعن الحسن (10/ 333).
(¬2) الطيالسي (2689)، والترمذي (3142)، وابن جرير (17/ 450) وسنده ضعيف.
(¬3) بدل (عليه السلام) في "ب": (- صلى الله عليه وسلم -).
(¬4) أحمد (4/ 464) (5/ 3، 5)، والترمذي (2424)، والنسائي في الكبرى (11431)، والحاكم (4/ 564)، وابن أبي شيبة (34407): والحديث حسن.
(¬5) في "ب": (على وجه).
(¬6) في "أ" "ي": (فإن).

الصفحة 1127