كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

بقصته: إن آباءنا قد أخبرونا أن فتية خرجوا بدينهم، وهم مسلمون فرارًا من دقيانوس، وإنا والله ما ندري لعله صادق فاركب فانظر لعله (¬1) شيء أراد الله أن يظهرك عليه وأن يكون في ولايتك، فركب الملك وركب معه الناس المسلمون والكافرون حتى انتهوا إلى الكهف، فدخل صاحبهم وهم يبكون فأخبرهم بأمره الذي لقي وقال: لقد أتاكم الملك، فعانق بعضهم بعضًا يبكون ولا يشكون أنه الملك الجبار والكافر الأول، فدخل عليهم الملك والناس يسألونهم عن أمرهم، وقصوا عليهم قصتهم (¬2) والذي فروا منه، فنظروا فإذا في (¬3) اللوح الرصاص الذي كتبه المسلمان فيه أسماؤهم وأسماء آبائهم ودينهم وفرارهم من دقيانوس الملك الكافر فقال الملك: قوم هلكوا في زمان دقيانوس فأحياهم الله في زماني، فحسبوا ذلك فوجدوه ثلثمائة وتسع سنين، فلم يبق مع الملك أحد إلا أسلم إذ رآهم، فبينما هم (¬4) إذ ماتوا فضرب الله على آذانهم بالنوم.
ثم تنازع فيه المسلمون الأول أصحاب الملك قبل أن يأتوا الكهف والمسلمون الذين أسلمُوا حين رأوهم فقال المسلمون الآخرون: {ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ} و {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ} الملك والمسلمون الأولون معه {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} قال: فبنوا على الكهف مسجدًا، ثم قال الملك المسلم وأصحابه المسلمون الأولون: مكثوا في الكهف ثلثمائة وتسع سنين، وقال المسلمون الآخرون: بل مكثوا كذا وكذا، فقال المسلمون الذين مع الملك: الله أعلم بما لبثوا في الكهف فذلك قوله: {ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا} أي الفريقين والقبيلين أحفظ لما لبثوا، المراد بالمسلمين النصارى وإنما سماهم ابن عباس مسلمين لأنهم لم يكونوا يقولون في عيسى قول النصارى.
¬__________
(¬1) في "أ" (. . . . لعله صادق فاركب فانظر لعله شيء) وهو تكرار خاطئ.
(¬2) في الأصل: (قصته).
(¬3) (في) من الأصل.
(¬4) العبارة في الأصل و"أ" غير واضحة المعنى.

الصفحة 1142