كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
بحمد الله في صحيفة مؤمن يوم القيامة خير له من جبال الدنيا ذهبًا (¬1) {فَلَمْ نُغَادِرْ} أي لم نترك ولم نخلف.
{صَفًّا} مصدر كالاصطفاف، وقيل: اسم (¬2) وهو ترتيب بعض الأشياء بجنب بعض والتشبيه بحيرتهم واشتغالهم بأنفسهم ووضع الكتاب في أيديهم أو في موازينهم.
{مُشْفِقِينَ} خائفين {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ} تعجب، والاستثناء منقطع.
{مَا أَشْهَدْتُهُمْ} عائد إلى إبليس وذريته وإلى كل معبود عبد من دون الله {عَضُدًا} معينًا.
{مَوْبِقًا} مهلكًا، يقال: أوبقه الله أي أهلكه، والمراد به الوصلة التي كانت (¬3) بين المشركين وآلهتهم في الدنيا أو النار يوم القيامة فيما بينهم يتهافتون {مُّوَاقِعُوهَا} النار، اقتحامها -النار- اسم جنس.
{جَدَلًا} فالجدل طبيعة الإنس وإن تفاوتوا في ذلك. وقد وصف الله تعالى الصحابة بذلك فقال: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ} [الأنفال: 6] قال -عليه السلام-: "ثلاث أتخوفهم عليكم: فيض المال فيكم، وزلة عالم، ورجال يجادلون بالقرآن" (¬4). والنجاة من فيض المال الشكر، والنجاة من زلة العالم أن ينتظر فتنة ولا يعمل بزلته، والنجاة من الذين يجادلون بالقرآن أن يعمل بمحكمه ويؤمن بمتشابهه.
{سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} قولهم {أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 94]، وقوله: {أَوْ
¬__________
(¬1) الزهد لابن المبارك (931)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 272)، والبيهقي في الشعب (692) عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير.
(¬2) في "أ": (أهم).
(¬3) ما بين [...] ليست في الأصل.
(¬4) لم نجده بهذا اللفظ ولكن ورد مفرقًا منه ما رواه البيهقي في الكبرى (10/ 211) عن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده مرفوعًا: (اتقوا زلة العالم". وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: "لا تجادلون بالقرآن فإنما ضل من كان قبلكم بجدالهم" رواه الحارثي في مسنده [(زوائد الهيثمي (2/ 740)].