كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
ظرف زمان (¬1) ماضٍ في محل النصب، وعلّة الظرف إضمارُ في المعنى دون اللفظ كالاسم بنزع الخافض، وهو مبهم يحتاج إلى الصلة، وصلتُهُ {أَضَاءَ}، والعامل فيه {مَشَوْا} مضوا في الضوء {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} أي: صاروا ذا ظلمة (¬2)، كقولك: ليلٌ مظلم وبيتٌ مظلم، وقوله تعالى: {قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا} (¬3)، وقوله: {فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} (¬4). أي: يَخلُصُون في الظلمة. وإنما قال: "عليهم" لأن وبال الظلمةِ راجعٌ إليهم.
{يَكَادُ} فعلٌ ليس له مصدرٌ ولا اسمٌ، كادَ يَكادُ إذا أوهمَ أن يفعل ولَمَّا يفعل، قال الله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ} (¬5) {وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} (¬6) {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} (¬7) {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} (¬8) إذا أوهم أن يفعل ثم فعل. وقيل: يكادُ يَغْرُبُ إلا أنه يستعمل بغير حرف "أن" بخلاف لفظ المقاربة والمداناة (¬9). {يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} يستلبُ ويختلسُ أَبصارَ المنافقين، نظيرُهُ:
¬__________
(¬1) قال البركوي في تفسيره (مقدمة المفسرين 1/ 303): "كل" منصوبة على الظرفية بالاتفاق، والعامل فيه جوابها "مشوا" و"ما" إما نكرة موصوفة بمعنى الوقت، والعائد محذوف أي: كل وقت أضاء لهم فيه، والجملة بعده في موضع جر على الصفة. ويجوز أن تكون "ما" مصدرية والجملة بعده صلة فلا محل لها، والتقدير: كل وَقْتِ إضاءة. اهـ.
(¬2) أظهر التفاسير في تأويل قوله: {قَامُوا} ثبتوا على نفاقهم وضلالهم، وهذا ما ذهب إليه كل من الطبري (1/ 359) - والقرطبي (1/ 223) - والبغوي (1/ 38) - وأبو حيان (1/ 91) - وغيرهم.
(¬3) سورة يونس: 27.
(¬4) سورة يس: 37.
(¬5) سورة مريم: 90.
(¬6) سورة الزخرف: 52.
(¬7) سورة البقرة: 71.
(¬8) سورة النور: 40.
(¬9) الأكثر في "كاد" أن تكون مجردة من "أَنْ" بخلاف الأندلسيين الذين جعلوا اقتران خبرها بـ "أَنْ" مخصوص بالشعر ومن الكثرة قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} وقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ}. ومن القلة -أي اقترانه بـ "أنْ" - قوله عليه الصلاة والسلام: "ما كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ العصرَ حتى كادتِ الشمسُ أن تَغْرُبَ" وقول الشاعر [ينسب لمحمد بن مناذر يرثي عبد المجيد الثقفي]: =