كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
العرب (¬1)؛ لأن الله تعالى سلط النمل على كثير من الأمم فجلاهم عن ديارهم، وإنما خاطبت خطابًا لتكليفها إياهنّ تكليف العقلاء، {مَسَاكِنَكُمْ} قراهن وجحرهن {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ} لا يكسرنكم {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} تمهيد لعذر سليمان وجنوده أو تحقيق للإنذار كي لا يقول واحد لا تظلمنا، وهو تبرؤ وتقبيح لتركهن الحذر؛ فإن من تعرض لسهم عزب كان أجهل وأشد لومًا ممن تعرض لمتعهد (¬2) القتال.
وعن الشعبي أن النملة التي فقه سليمان -عليه السلام- (¬3) كلامها كانت ذات جناحين (¬4).
{فَتَبَسَّمَ} أظهر الضواحك من الأسنان فرحًا للشكر على تفهيم الله إياه كلام النملة، أو على إلهام الله النملة عذر سليمان، أو لتعجيبه على قضية الطبيعة {أَوْزِعْنِي} ألهمني واجعلني مولعًا بشكرك (¬5) وبالعمل الصالح، وفي الحديث: "كان موزعًا بالسواك" (¬6) أي مولعًا به.
{وَتَفَقَّدَ} طلب المفقود بجواز أن يكون مترتبًا على مقدار؛ أي صرفت (¬7) عن رؤيته {أَمْ (¬8) كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} وقيل: أم بمعنى الاستفهام، وقيل: بمعنى بل، وفي الآية دليل على وجوب التفقد والتيقظ على الإمام والرئيس. و {الْهُدْهُدَ} جنس من الطير ملون في حجم الفاختة، له عرف
¬__________
(¬1) قيل إنه بالطائف - قاله كعب -، وقيل إنه بالشام - قاله قتادة - ذكره عنهما ابن الجوزي في تفسيره [زاد المسير (3/ 356)].
(¬2) في "أ": (لمتعمد).
(¬3) في "ي": (السلم).
(¬4) ابن أبي حاتم (9/ 2857).
(¬5) في "أ" "ب": (يشكرك).
(¬6) هذا الحديث ورد في كتب الغريب واللغة كالنهاية (5/ 393)، والفائق (4/ 57)، وكتاب العين (2/ 207)، ولسان العرب (8/ 390).
(¬7) في الأصل و"أ": (صرف).
(¬8) بدل (أم) في "أ": (أي).