كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

للاطلاع نحوه {لَعَلِّي} أراد أن يلبس الأمر على الجهال من قومه أو لجهالته وسفهه (¬1)، وكأنه كان يتوهم (¬2) كون السماء مقرونة بالسحاب دون الأفلاك ودون النار.
{الْمَقْبُوحِينَ} المطرودين المبعدين، وفي حديث عمار: "اسكت مقبوحًا مشقوحًا منبوحًا" (¬3).
{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} فائدة النفي التنبيه على كونه -عليه السلام- مخبرًا عن الغيب الذي لا يعلمه مثله إلا بوحي إلهي (¬4).
{وَلَكِنَّا كُنَّا} وجه العطف تبعيد ما بين موسى ونبينا -عليه السلام- (¬5) بامتداد الزمان وتطاول العمر واستطالته وطوله (¬6) بمعنى، قال الله تعالى: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} [الحديد: 16].
{وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} أي ما أنت بالذي كان فيما بينهم {تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} فرجعت إلى عادتك {وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} إياه كما أرسلنا.
عن الضحاك [عن ابن عباس في قوله: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا} قال: لما أخذ موسى الألواح ونظر فيها قال: إلهي لقد أكرمتني] (¬7) بكرامة لم تكرم بها أحدًا قبلي، فأوحى الله إليه: يا موسى إني اطلعت على قلوب عبادي فلم أجد أشد تواضعًا من قلبك، اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك بجد ومحافظة وكن من الشاكرين، يعني
¬__________
(¬1) في "ب": (الجهالة وسفرته).
(¬2) في "أ": (يتوهمه).
(¬3) أثر عمار ذكره ابن الأثير في النهاية (2/ 489) ولفظه: قال عمار لمن تناول من عائشة: "اُسْكُتْ مقبوحًا مشقوحًا منبوحًا" والمشقوح المكسور أو المُبْعَد.
(¬4) في الأصل و"أ" "ب": (إلا وهي).
(¬5) (السلام) ليست في "ي".
(¬6) في "أ": (وقوله).
(¬7) ما بين [...] ليست في الأصل، وبدله (الضحاك بن مزاحم عن بكرامته).

الصفحة 1357