كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] فأنزل الله بأبي طالب فقال رسول الله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} (¬1) إيمانه، مثل أبي طالب {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} مثل حمزة وعباس وأروى وصفية وعاتكة.
{وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى} كانوا يعتذرون إلى رسول الله بأنهم لا يقاومون العرب قاطبة حواليهم إن طلقوا دينهم فرد الله عليهم عذرهم بأنه هيأ لهم أسباب الحرمة وهم (¬2) كفار جهال فكيف لو اعتصموا بالعروة الوثقى {يُجْبَى} يجمع، ويحمل.
{إِلَّا قَلِيلًا} إلا سكونًا (¬3) قليلًا.
{الْمُحْضَرِينَ} في النار.
{الَّذِينَ حَقَّ (¬4) عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} المتبوعين في الضلالة دون المعبودين.
{وَرَأَوُا الْعَذَابَ} وودوا أي وتمنوا أنهم لو كانوا يهتدون، ويحتمل أن المراد به رؤية العذاب عن الذين يحشرون على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًا.
{وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} الخِيَرة والخِيرة كالطِّيَرة والطِّيرة، والآية في ردّ قولهم: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31] فيها دلالة أن المختار للإمامة من ميَّزه الله تعالى بالتوفيق دون من ميَّزه بالتخليق، وعلى فساد اختيار الناس إمامًا غير موافق للسنة والجماعة.
{سَرْمَدًا} دائمًا أبدًا.
¬__________
(¬1) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه (3884)، ومسلم في صحيحه (24/ 39)، والنسائي (2034) وغيرهم عن سعيد بن المسيب عن أبيه.
(¬2) في الأصل: (كانوا).
(¬3) أي لم يسكن مساكنهم إلا المسافرون ومارُّ الطريق يومًا أو ساعة، قاله ابن عباس - رضي الله عنهما -، نقله عنه ابن الجوزي في تفسيره (3/ 389).
(¬4) في الأصل: (يحق).

الصفحة 1360