كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت" (¬1) وقوله: {وَأَحْسِنْ} في معنى قوله -عليه السلام- (¬2): "إذا أنعم الله على عبد نعمة أحب أن يرى أثرها عليه" (¬3).
{عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} قيل: إن قارون كان يقرأ التوراة كلها فادعى أنه إنما أوتي ما أوتي كرامة له على علمه، وقيل: إنه كان يقول أوتيته على علم فلذلك أكرمني بهذا المال، وقيل: إن الله تعالى علم موسى -عليه السلام- (2) الكيمياء فعلم موسى ثلث ذلك العلم هارون -عليه السلام- (2) وثلثه يوشع -عليه السلام-، وثلثه قارون لعنه الله، لا يقدر أحد الثلاثة إلا بإعانة صاحبيه، فاحتال قارون في تحصيل العلم فذلك العلم الذي ادعاه {وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} أي ولا يسأل المجرمون عن ذنوبهم، ولكنهم يعرفون بسيماهم، وهذه إحدى حالتيهم يوم القيامة.
{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} ركوبه الخيل الشهب في ثلثماية من الجواري والغلمان لباسهم الأرجواني وتحت كل واحد منهم قطيفة حمراء.
{وَيْكَأَنَّ} معناه ويلك إن الله، أي: اعلم أن الله، وأنكر الفراء (¬4) وقال: لا يجوز إضمار الإعلام في أول الكلام وليس يبعد كون لفظه ويلك قائمة مقام قوله: اعلم لما (¬5) في الدعاء بالويل من التنبيه، وقيل: "وي" منفصلة من كان على سبيل التعجب والتخمين، وقيل: {وَيْكَأَنَّ} كله على
¬__________
(¬1) مسلم (2958).
(¬2) (السلام) ليست في "ي".
(¬3) أحمد (2/ 403)، والحديث ضعيف.
(¬4) كما في معانيه (2/ 312) وهي في كلام العرب تقرير كقول الرجل: أما ترى إلى صنع الله كقول زيد بن عمرو بن نفيل:
ويكأنْ مَنْ يكن له نشبٌ يُحَـ ... بَبْ ومَنْ يفتقِر يعش عيش ضُرٍّ
ثم قال الفراء: أخبرني شيخ من أهل البصرة قال: سمعت أعرابية تقول لزوجها: أين ابنك ويلك؟ فقال: ويكأنه وراء البيت.
(¬5) في الأصل و"أ": (أنا).

الصفحة 1365