كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

وذكر الكلبي أن السبب في نزولهن دعوى المشركين التناقض بين قوله: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269] وقوله: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] فبينت هذه الآية أن الحكمة خير كثير في جنب علم العالمين وهي قليل في جنب كلمات الله.
{إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} قال الفراء: التشبيه واقع بمضاف مضمر تقديره: كخلق نفس واحدة وبعثها (¬1)، ووجه الاتصال من حيث ذكر الكلمات التي هي علم الله.
{إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} وهو وقت استقراره الطوالع.
{خَتَّارٍ كَفُورٍ} قال ابن عرفة: الختر الفساد يكون ذلك في الغدر وغيره، يقال: ختره الشراب إذا فسد نفسه، قال الأزهري: الختر أقبح الغدر (¬2)، قال أحمد بن فارس: الختر الغَدْر والتختر مشية الكسلان (¬3).
{الْغَرُورُ} الشيطان.
{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} قال مقاتل: أتى وارث بن عمرو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن هذه المسائل فأنزل (¬4)، واتصال الآية من حيث قوله: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} أو من حيث قوله: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ}.
¬__________
(¬1) لم نجده في معاني الفراء لكن ذكره أبو جعفر النحاس في إعرابه وقال: هكذا قَدَّرَهُ النحويون: إلا كخلق نفس واحدة، مثل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82].
[إعراب القرآن (4/ 607)].
(¬2) ذكره الأزهري في تهذيب اللغة (7/ 294 - ختر).
(¬3) ذكره ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (2/ 244 - ختر).
(¬4) سبب النزول هذا من مراسيل عكرمة ومقاتل فقد ذكره السيوطي في الدر المنثور (11/ 662)، ونسبه لابن المنذر: أن رجلًا يقال له الوارث من بني مازن ابن خصفة بن قيس عيلان، جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمَّد، متى قيام الساعة؟ وقد أجدبت بلادنا فمتى تخصب؟ وقد تركت امرأتي حبلى فمتى تلد؟ ... الحديث. فنزلت هذه الآية.

الصفحة 1387