كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

جميعًا في رجلي، فعرفوا يومئذ جميعًا أنه قلب واحد ولو كان له قلبان لما نسي نعله في يده من شدة الخوف (¬1)، وهذا التأويل يروى عن مجاهد (¬2) وابن بريدة وغيرهما.
ويحتمل نفي اجتماع عقيدتين مختلفتين في قلب واحد على سبيل الإنكار على المنافقين الذين كانوا يقولون لرسول الله بوجه والكفار بوجه. {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} سنذكر أحكامها في سورة "المجادلة" {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} فسنذكر في قصة زيد. و (الأدعياء): جمع دعي وهذا الذي يدعيه على سبيل الاتخاذ والاتحاد وسبيل الافتراء والإلحاد.
عن سالم بن أبي الجعد لما نزل: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} لم يعرف لسالم أب، فقال: "سالم من الصالحين" (¬3)، وعن ابن عمر: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمَّد حتى نزل القرآن: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} (¬4).
{النَّبِيُّ أَوْلَى (¬5) بِالْمُؤْمِنِينَ} في تشريف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬6) المجاوزة به من رتبته إلى رتبة الولاية، وكان أولى بنا لكونه في غاية الاتحاد بروح (¬7) الله، وكون الشهادة به شطر الإيمان، و (أزواجه أمهاتنا) لأن الأمومة غاية مراتب الحرمة والتعظيم في حق النساء {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} اللوح المحفوظ مستورًا مكتوبًا في كتاب الوصية على سبيل اعتبار غالب أحوال الوصية.
¬__________
(¬1) ابن الجوزي في زاد المسير (6/ 347).
(¬2) ابن جرير (19/ 8).
(¬3) ذكره ابن عساكر في تاريخه (25/ 320، 321) عن سالم مولى أبي حذيفة. وقريبًا منه عند ابن أبي حاتم كما في الدر (11/ 726).
(¬4) البخاري (4782)، ومسلم (2425).
(¬5) في "أ": (النبي -عليه السلام- ... بالمؤمنين).
(¬6) (- صلى الله عليه وسلم -) من الأصل و"ب".
(¬7) (بروح) ليست في "ب".

الصفحة 1397