كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

فاحتجزت صفية بثوبها ونزلت إليه، فهذه غزوة الخندق على سبيل الاختصار (¬1).
{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ} قال الكلبي (¬2): هذه في مجيء أبي الأعور السلمي منِ أسفل الوادي واعترض إلى أبي سفيان من قبل الخندق {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} عبارتان عن شدة الخوف، و (الحناجر) جمع حنجرة وهي رأس الفلصمة.
{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} قال الكلبي: هو رجل واحد معتب بن قشير، وإنما قال ذلك حين أخبرهم بفتح فارس وملك الروم (¬3).
{وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ} في المتخلفين عن العسكر والزاحفين إلى الحصن والمشيرين على أصحابهم بذلك يريدون به خذلان رسول الله (¬4)، فكانوا يعتذرون إلى رسول الله بأن بيوتنا عورتنا (¬5) {عَوْرَةٌ} نخاف عليهم السرق، وهم كاذبون فيما يقولون. {يَثْرِبَ} اسم المدينة في الجاهلية سماها رسول الله "طيبة" فكانوا يلحدون إلى الاسم الأول لنفاقهم وبغضهم رسول الله (4) (¬6).
¬__________
(¬1) انظر تفاصيل هذه الغزوة (غزوة الخندق) في كل من تفسير ابن كثير (2/ 317)، تفسير البغوي (2/ 254)، وابن كثير (3/ 473)، تفسير القرطبي (2/ 435)، صحيح البخاري (4/ 1509)، صحيح مسلم (3/ 1362) وغيرها من المصادر.
(¬2) نقل قول الكلبي الرازي في التفسير الكبير (21/ 175)، وذكره القرطبي في تفسيره (14/ 144).
(¬3) الذي قال ذلك ليس واحدًا وإنما هم جملة من المنافقين كما رواه الثعلبي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، بل انضم إليهم اليهود في هذا الزعم، ذكر ذلك ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب (2/ 675).
(¬4) في "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
(¬5) (عورتنا) ليست في "ب".
(¬6) ذكر الحافظ ابن حجر في كراهة تسمية المدينة يثرب كما في فتح الباري (4/ 87)، وذكر حديث البراء بن عازب مرفوعًا عند الإمام أحمد في مسنده: "من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله هي طابة هي طابة". كما ذكر حديث أبي أيوب مرفوعًا رواه عمر بن شبة ولفظه: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقال للمدينة يثرب. قيل: وسبب هذه الكراهة لأن يثرب إما من التثريب الذي هو التوبيخ والملامة أو من الثرب وهو الفساد وكلاهما مستقبح -قاله ابن حجر-.

الصفحة 1401