كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

{يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا} في الذين صدوا عن القتال ولم يصدقوا المؤمنين في انهزام الأحزاب {وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ} مرة أخرى {يَوَدُّوا} هؤلاء المنافقون أن يكونوا متميزين عنكم {لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ} يستميلون الناس {عَنْ أَنْبَائِكُمْ} كالأحاديث.
{أُسْوَةٌ} قدوة، و (التأسي): الاقتداء.
{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} لأن النبي -عليه السلام- (¬1) كان قد أخبرهم قبل (¬2) مجيء الأحزاب بسبع أو تسع أنهم يجيئون.
عن أنس بن مالك أن عمه النضر بن أنس غاب عن قتال بدر فقال: غبت عن أول قتال قاتله رسول الله (¬3) المشركين؛ لئن الله أشهدني قتالًا للمشركين ليرين الله كيف أصنع. فلما كان يوم الأحد انكشف المسلمون فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء -يعني المشركين- وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء -يعني أصحابه، ثم تقدم فلقيه سعد فقال: يا أخي ما فعلت فأنا معك، قال: فلم أستطع أن أصنع ما صنع فوُجد فيه بضع وثمانون من بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم، قال: فكنا نقول فيه وفي أصحابه نزلت قوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} (¬4).
وعن عائشة في قوله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} منهم طلحة بن عبيد الله ثبت مع رسول الله يوم أحد أصيب فقال رسول الله: "أوجب طلحة الجنة" (¬5).
¬__________
(¬1) (السلام) ليست في "ي".
(¬2) (قبل) فراغ في "أ".
(¬3) في "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
(¬4) مسلم (1903)، وأبو عوانة (3/ 176). عن عمرو بن سعيد عن أبيه عن جده.
(¬5) هذا الحديث مركب من حديثين:
الأول عن عائشة وفيه ذكر أن طلحة ممن قضى نحبه. رواه الحاكم (2/ 415، 416) (3/ 376)، وفي سنده إسحاق متروك. =

الصفحة 1403