كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

{قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ} أي: قلت لكم، كقوله: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} (¬1). فإن قيل: ثَمَّ: متى قال لهم: {إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [قلنا هذا الإطناب في إيجاز قوله: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (¬2) {غَيْبَ السَّمَاوَاتِ} مكنوناتها. {مَا تُبْدُونَ} تظهرون. {وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}: تُخْفُون وتُسرّون. وإنما لم يقل: ما كنتم تبدون وقال: {وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} لأنه أراد إبداءهم العجز في الحال. وكتمانُهُم من قبلُ: كراهة الخليفة وحبّ المكثِ في الدنيا على وجه الأرض.
وقيل: أراد به كتمان إبليس من قبل عزم العصيان والطغيان والإنكار على ربه، وقد يُسْنَدُ فعلُ الواحد إلى الجماعة مجازًا، كقوله: {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} (¬3).
{وَإِذْ قُلْنَا} واو استئناف أو لعطف قصة على قصة (¬4). و"إذْ" صلة
¬__________
= الطحاوية (ص 338) حيث قال ما نصه: "وكنت ترددتُ في الكلام على هذه المسألة، لقلة ثمرتها، وأنها قريب مما لا يعني، و"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" [أخرجه مالك في الموطأ 2/ 470 - وأحمد في مسنده 1737 عن علي بن الحسين مرفوعًا وصححه العلامة الألباني رحمه الله في المشكاة 3/ 1361] فإن الواجب علينا الإيمان بالملائكة والنبيين وليس علينا أن نعتقد أي الطرفين أفضل، فإن هذا لو كان من الواجب لبين لنا نصًا، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] وقال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] وفي الصحيح: "إن الله فرض فرائض فلا نضيعوها .... وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها" فالسكوت عن الكلام في هذه المسألة نفيًا وإثباتًا والحالة هذه أولى. اهـ.
(¬1) سورة الأعراف: 172.
(¬2) ما بين [...] ليست في (أ).
(¬3) سورة يوسف: 70.
(¬4) ذهب إمام المفسرين ابن جرير الطبري (1/ 535) إلى أن الواو واو العطف فهي معطوفة على قوله: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ} و"إذ" ظرف منصوب بإضمار (اذكر) كما ذهب إليه الفراء ونقله عنه البركوي في تفسيره (1/ 408) أي واذكر إذ قال ربك. وهذا معروف لدى النحويين وهو أن الظرف والجار والمجرور لا بد له من متعلق إما مذكورًا أو محذوفًا وجاء في نظم الجُمَل: =

الصفحة 143