كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 4)
وإلى هذا ذهب الحسن البصري ومجاهد والكلبي (يدخلون) الضمير عائد إلى الظالم والمقتصد والسابق أو عائد إلى {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا}.
{دَارَ الْمُقَامَةِ} بقعة الإقامة، كما أن المقسمة بقعة القسمة {لُغُوبٌ} نصب جمعًا للتأكيد.
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا} صريح لفظة الكفر دليل على نجاة الظالم {يَصْطَرِخُونَ} يستغيثون افتعال من الصراخ والقول مضمر عند قوله: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ} عن مجاهد قال: سألت ابن عباس عن قوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ} [الأحقاف: 15] قال: ما بين الثلاث والثلاثين إلى الأربعين، وسألته عن العمر الذي عبر به {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} قال: ستون سنة (¬1)، وسألته عن قوله: {وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} قال: الشيب (¬2).
عن أبي هريرة عنه -عليه السلام- (¬3) قال (¬4): "من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله إليه" (¬5) {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} قال الكلبي: المراد بـ {إِحْدَى} ها هنا اليهود والنصارى لما سمع مشركو قريش بقتل اليهود أنبياءهم وباختلاف النصارى في المسيح فقالوا: لعن الله اليهود والنصارى، والله لئن أتانا رسول لكنا أهدى منهم، وإنما كانت اليهود والنصارى إحدى الأمم لأنهم جميعًا أولاد إسحاق -عليه السلام- أو خصت قريش إحدى القبيلتين، إما اليهود وإما النصارى.
و {وَمَكْرَ السَّيِّئِ} إضافته كإضافة الحق إلى اليقين.
{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ} المراد بالمؤاخذة المعاجلة بالعقوبة، والوجه في إهلاك كل {دَابَّةٍ} على ظهر الأرض عند مؤاخذة الناس بما كسبوا إنما هو كون دواب الأرض كلها لمنافع بني آدم واعتبارهم بها لا لمعنى
¬__________
(¬1) عبد الرزاق (2/ 138)، وابن جرير (19/ 384).
(¬2) البيهقي في السنن (3/ 370).
(¬3) (السلام) ليست في "ي".
(¬4) (قال) من "ب".
(¬5) البخاري (6194).