كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 4)

{لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} بالموت كقولهم: {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27)} [الحاقة: 27]، و (مالك) اسم خازن النيران وهو رئيس الزبانية.
وعن عبد الله بن عمر قال: نادى أهل النار {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} قال: فخلّى عنهم أربعين عامًا ثم أجابهم {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} فقالوا: ربنا أخرجنا منها، فخلّى عنهم مثلي الدنيا ثم أجابهم {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108] فأطبقت عليهم ثانية، فما نَبَس القوم بعد هذه الكلمة إن كان إلا الزفير والشهيق (¬1).
{أَمْ} بمعنى ألف الاستفهام {أَبْرَمُوا} أحكموا، أُنزلت الآية في شأن الذين تشاوروا في كيد رسول الله (¬2) في دار الندوة (¬3) أو في أمثالهم، وهو استفهام بمعنى الإنكار يدل عليه قوله: {فَإِنَّا مُبْرِمُونَ} أي لم يبرموا أمرًا {فَإِنَّا مُبْرِمُونَ}.
{قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} قال الكلبي: إن النضر بن الحارث بن علقة بن كلدة بن عبد الدار بن قصي لعنه الله تعالى كان يهزأ بالقرآن وأنكر عليه عثمان بن مظعون وقال: اتقِ الله فإن محمدًا ما يقول إلا حقًا.
قال النضر بن الحارث: وأنا والله ما أقول إلا حقًا، فإني أقول لا إله إلا الله كما يقول محمَّد لا إله إلا الله ولكنني أقول أنهنَّ (¬4) من بنات الله؛ أي الأصنام فأنزل، فلما سمعها النضر بن الحارث فهم منها ما أعجبه وقال: إن محمدًا قد صدّقني، فقال الوليد بن المغيرة: ما صدقك ولكنه كذبك، فإنه يقول ما كان للرحمن ولد لا يعني من أن يكون له ولد، فغضب النضر بن الحارث عند ذلك وقال: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا} [الأنفال: 32] الآية، فأنزل الله تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ
¬__________
(¬1) أخرجه الطبري في تفسيره عن ابن عمر (20/ 650)، والبيهقي في البعث والنشور (649)، وابن أبي شيبة (13/ 152)، وابن أبى الدنيا في صفة النار (168).
(¬2) "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
(¬3) أشار إلى ذلك ابن الجوزي في تفسيره (4/ 84) والقرطبي في تفسيره (16/ 118).
(¬4) في الأصل و"ب": (أن) وهو خطأ.

الصفحة 1525