كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 4)
رسول الله (¬1) وبين المشركين عام الحديبية، ويحتمل أنه معنى قوله: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ} [فاطر: 2].
وعن أنس قال: أُنزلت على النبي -عليه السلام- (¬2) {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} مرجعه من الحديبية، فقال النبي -عليه السلام- (¬3): "لقد نزلت علي آية أحب إليّ مما على الأرض" ثم قرأها -عليه السلام- (¬4) عليهم فقالوا: هنيئًا مريئًا قد بيّن الله لك ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت عليه {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي} حتى بلغ {فَوْزًا عَظِيمًا} (4).
وذكر الكلبي أن الله تعالى لما أنزل في المؤمنين من كتابه ما أنزل وذلك بالحديبية، قيل: رجع رسول الله (¬5) إلى المدينة، وبلغ ذلك ابن أُبي ابن سلول فقال لأصحابه: هيهات ما نحن إلا كهيئتهم، فأنزل الله {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ} (¬6).
وعن معاذ بن جبل قال: قال النبي -عليه السلام- (¬7): "ثلاث مَن كنّ فيه فهو منافق وإن صام وصلّى وزعم أنه مؤمن: إذا حدّث كذب وإذا اؤتمن خان وإذا وعد أخلف" فقيل: يا رسول الله هذا للمسلمين؟ قال: "إنما حدثت عن رجال من المنافقين حدثوا أنهم أسلموا فكذبوا وائتمنهم علي فخانوا ووعدوا الله فاخلفوا" (¬8).
{ظَنَّ السَّوْءِ} ظن أسد وغطفان (¬9) أنه لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدًا سالمين.
¬__________
(¬1) في "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
(¬2) (السلام) ليست في "ي"، وفي "ب": (النبي - صلى الله عليه وسلم -).
(¬3) (السلام) ليست في "ي".
(¬4) البخاري (4172)، ومسلم (1786).
(¬5) في "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
(¬6) ذكره ابن الجوزي في تفسيره عن مقاتل (4/ 129).
(¬7) (السلام) ليست في "ي".
(¬8) البخاري (1/ 84)، ومسلم (59) كلاهما في كتاب الإيمان.
(¬9) (ظن أسد وغطفان) ليست في "ب".