كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 4)

والعصي فأنزل الله فيهم. قال: هذه الآية (¬1) أصل في قتال أهل البغي وقد اقتتلت طائفتان من المؤمنين بعد رسول الله إحداهما أصحاب والأخرى أهل مصر (¬2) فجاء الحسين بن علي ليصلح بينهما فلم يقدر فغلب أهل مصر وقتلوا عثمان - رضي الله عنه -، ثم إنهم تركوا البغي وبايعوا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فثارت فتنة أخرى ثم أخرى ثم أخرى حتى صار علي - رضي الله عنه - إمامًا في معرفة قتال أهل البغي لأنه قتل الناكثين والباغين والمارقين، وقد قال أبو حنيفة - رحمه الله -: لولا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لما عرفنا قتال أهل البغي.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} قيل: حضر ثابت بن قيس مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3) بعد امتلاء المجلس بالناس فلم يمرّ بأحد إلا تفسّح له إلا رجلًا واحدًا قال له: أصبت مكانك فاجلس، فذكر ثابت أمه وكان يعير بها (¬4)، وشبهت إحدى أمهات المؤمنين طرف إزار الأخرى بلسان الكلب فأنزل الله الآية (¬5).
وعن أبي جبيرة (¬6) بن الضحاك قال: نزلت الآية فينا {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} جاءنا رسول الله وللرجل الاسمان والثلاثة، فجعل يدعو الرجل فيقول: يا رسول الله إنه ليغضب منه، فنزلت (¬7).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا} قال الكلبي: نزلت الآية في رجلين من أصحاب رسول الله -عليه السلام- (¬8) قد ضمّ كل واحد (¬9) من الفقراء إلى رجلين
¬__________
(¬1) البخاري (2691)، ومسلم (1799).
(¬2) (مصر) ليست في "أ".
(¬3) (وسلم) ليست في "ي".
(¬4) ابن الجوزي في "زاد المسير" (7/ 465) عن أبي صالح عن ابن عباس.
(¬5) نفس الكلام السابق.
(¬6) في "ب": (جبير).
(¬7) البخاري (330).
(¬8) (السلام) ليست في "ي"، وفي "ب": (رسول الله - صلى الله -عليه السلام -).
(¬9) (واحد) ليست في الأصل.

الصفحة 1560