كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 4)
يكون واحدًا اكتفى به عن صاحبه أي قعيدان كقوله: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف (¬1).
{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} أي الموت، والدليل عليه قراءة عبد الله: {وجاءت سكرة الحق بالموت} (¬2) {تَحِيدُ} تميل وتحذر.
{سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} سائق يسوقها إلى الله وشهيد شاهد عليها يعلمها، وقال أبو هريرة: السائق الملك، والشهيد العمل (¬3)، وقيل: السائق العمل، والشهيد الأعضاء.
{وَقَالَ قَرِينُهُ} تابعه من الشياطين {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} لمخافة أن يؤخذ أخذ الكفيل.
{أَلْقِيَا} أمْر الملكين، وقيل: الملك واحد أي ألقين بنون خفيفة {كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} كليهما إياه وقرينه.
{لَا تَخْتَصِمُوا} بعد وجود الاختصام لا يدل على نفيه كالنهي عن الكفر، وقيل قوله: {لَا تَخْتَصِمُوا} في الكفار، وقوله: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)} [الزمر: 31] في المؤمنين.
¬__________
(¬1) ذكره الفراء في معانيه (3/ 77)، والبيت لعمرو بن امرئ القيس كما في جمهرة أشعار العرب (2/ 675)، والخزانة (4/ 275)، ونسبه سيبويه في الكتاب (1/ 75) إلى قيس بن الخطيم، وهو في ديوانه (ص 173).
(¬2) هي قراءة عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وأبي بكر الصديق وسعيد بن جبير. وقال ابن عطية: يروى أن أبا بكر الصديق قالها لابنته عائشة - رضي الله عنهما -. وذلك أنها قعدت عند رأسه تبكي وهو ينازع فقالت:
لَعَمْرُكَ ما يغني الثراءُ عن الفتى ... إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصَّدْرُ
ففتح أبو بكر - رضي الله عنه - عينيه وقال: لا تقولي هكذا، وقولي: "وجاءت سكرة الحق بالموت ... ".
[القرطبي (17/ 12)؛ معاني الفراء (3/ 78)؛ إعراب النحاس (3/ 217)؛ القراءات السبع وعللها (1/ 23)؛ المحرر (13/ 545)؛ معجم القراءات للدكتور عبد اللطيف الخطيب (9/ 106)].
(¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (10/ 3308) ونقله ابن الجوزي في تفسيره (4/ 161).