كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
ثلاثون رجلًا فبنيا وجعل القواعد من حراء وحلقت السكينة كأنها سحابة على موضع البيت، فقالت: ابن علي. فلذلك لا يطوفُ بالبيتِ أحد (¬1) أبدًا نافرًا ولا جبارًا إلا رأيتَ عليه السكينة. قال: وجعل طوله في السماء تسع أذرع وعرضه في الأرض ثلاثينَ ذراعًا وطوله في الأرض اثنين وعشرين ذراعًا، وأدخل الحجر وهو سبعة أذرع في البيت (¬2) وجعل المقام لاصقًا بالبيت عن يمين الداخل، فلما أراد إبراهيم - عليه السلام - أن يجعل علمًا لابتداء الطواف أمرَ إسماعيل يبغي له حجرًا، فأنزل الله جبريلَ بالحجرِ الأسودِ، فقالَ إبراهيمُ لإسماعيلَ - عليهم السلام - لما رجع إليه: أتاني به من لم يكلني إليك. وكان بناءُ الكعبة من خمس جبال: طور سيناء وطور زيتا وأحد ولبنان وحراء.
ورفع البنيان: بناؤها {يَرْفَعُ} مستقبل بمعنى الماضي (¬3) (¬4) و {الْقَوَاعِدَ} جمع قاعدة. والقاعدة (¬5): ما وضع أصلًا يبتنى عليه. وإنما دخلت (من) لصرف القواعد عن (¬6) محلِّ الإضافة، كقوله تعالى: {حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} (¬7) و {كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} (¬8). والقول ها هنا مضمر، تقديره: قائلين ربنا (¬9).
¬__________
(¬1) في "ب ": (أحدًا بالبيت).
(¬2) في "أ": (في البيت).
(¬3) في "أ ": (المراضي).
(¬4) قال الزمخشري: هي حكايته حال ماضية. وفيها معنى المضي لأنها من الأدوات المخلِّصة المضارع للمضي. [الكشاف (1/ 311)].
(¬5) في "ب": (القواعد).
(¬6) في "ب": (من).
(¬7) سورة السجدة: 13.
(¬8) سورة الأنفال: 68.
(¬9) قوله: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} في محل نصب بإضمار القول، وذلك القول في محل نصب على الحال منهما. التقدير: يرفعان يقولان ربنا تقبَّل منا، ويؤيد هذا قراءة عبد الله بن مسعود بإظهار فعل القول: هذه الآية غير موجودة بالقرآن {يقولان ربنا تقبَّل منا} ويجوز أَلاَّ يكون هذا القول حالًا بل هو جملة معطوفة على ما قبلها، ويكون هو العامل في "إذ" قبله. والتقدير: يقولان ربنا تقبَّل إذ يرفعان، أي: وقت رفعهما.
[البحر المحيط (1/ 388) - ابن عطية (1/ 421) - الدر المصون (2/ 114)].