كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

و {تَقَبَّلْ} التوبة والهداية والعمل الصالح. قبولها في تقديرها وتحقيقها. ونقيضه: الرد في الإبطال والإنكار. و {السَّمِيعُ} ذو السماع.
{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} المراد به الإسلام فيما يستقبل من العمر، مثل قول يوسف - عليه السلام -: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} (¬1)، ووجه هذا النوع من دعوات الأنبياء كوجه دعاء المؤمنين {وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا} (¬2)، {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} (¬3) {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا} يعني ولد عدنان، وعدنان (¬4) من ولد أدد، وأدد قيل: من ولد نابت (¬5) بن إسماعيل، وقيل: من ولد قيدر بن إسماعيل (¬6).
والأمة: الجماعة المجتمعة في زمان أو مكان أو على شيء من الأشياء (¬7). والمراد بالإراءة: الهداية والدلالة. {مَنَاسِكَنَا} إما هي جمع منسك -بالفتح- وهو مصدر أو جمع منسِك - بالكسر - وهو موضع النسك (¬8)، والنسك: عبادة الله. وقد خصَّ في الشرع بأفعال الحج وأقواله.
¬__________
(¬1) سورة يوسف: 101.
(¬2) سورة آل عمران: 194.
(¬3) سورة البقرة: 286.
(¬4) (وعدنان) ليست من "أ".
(¬5) في "أ": (ثابت).
(¬6) ذكره السهيلي على اضطراب في نقل كلام السهيلي، وقد ذكر الطبري في تاريخه خبر أولاد إسماعيل (1/ 351) وابن الأثير (1/ 88).
(¬7) تطلق كلمة "أُمَّة" على أربعة معانٍ:
المعنى الأول: بمعنى الطائفة والجماعة، ومنه هذه الآية.
والمعنى الثاني: الحقبة من الزمن كقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45].
والمعنى الثالث: بمعنى الإمام الذي يُقتدى به كقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل: 120].
والمعنى الرابع: الطريق والملَّة، كقوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف: 22].
(¬8) وقد قُرِىءَ بهما - أي فتح السين وكسرها - ومثله آية الحج: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا} بالفتح والكسر. أما الكسر فهي قراءة حمزة والكسائي، وأما الباقون فبالفتح. والمفتوح هو المقيس لانضمام عين مضارعه.

الصفحة 294