كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

{آيَاتِكَ} يعني آيات القرآن [{وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ} الفرقان] (¬1) {وَالْحِكْمَةَ} ما لا يحتاج في إدراكه إلى الوحي كالفقه وما في معناه من العلوم المستنبطة (¬2) من الشريعة (¬3). {وَيُزَكِّيهِمْ} أراد التسبب لزكاتهم وطهارتهم. {الْعَزِيزُ} مَنْ يَعزُّ نيله أو يعزُّ غيره، فالله تعالى لا ينال بعظيم تعظيم الاقتدار وهو الغالبُ على أمره القاهرُ فوق خلقِهِ.
{وَمَنْ يَرْغَبُ} على وجه الإنكار، كقوله: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} (¬4)، {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (¬5). والرغبةُ عن الشيء هو: الزهد فيه وإيثارُ النفس عليه، [والرغبةُ في الشيء: إرادتُهُ على وجه الطمع] (¬6). والرغبةُ إلى الشيء هو: الطمع فيه، فكأن الرغبة في الوجوه كلها هي صرف الهمَّة.
وفي {سَفِهَ نَفْسَهُ} أربعةُ أقوال (¬7):
¬__________
(¬1) ما بين [...] ليس في "س".
(¬2) في "ن": (في).
(¬3) ما ذكره المؤلف هو أحد التعاريف للحكمة، وهو قول الإمام مالك. وقال ابن دريد صاحب "الجمهرة": الحكمة كل كلمة زجرتك ووعظتك ونهتك عن قبيح ودعتك إلى حسن. وأقرب الأقوال في ذلك ما رجحه الطبري في تفسيره حيث قال: والصواب من القول عندنا في الحكمة أنها العلم بأحكام الله التي لا يدرك علمها إلا ببيان الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمعرفة بها وما دلَّ عليه ذلك من نظائره، وهو عندي مأخوذ من (الحُكم) الذي بمعنى الفصل بين الحقِّ والباطل. وقيل: الحكمة في هذه الآية هي السنَّة، وهو قول قتادة لأنها معطوفة على الكتاب الذي هو القرآن. وأجمع الأقوال ما ذهب إليه الطبري، والله أعلم.
[الطبري (2/ 576) - ابن أبي حاتم (1/ 236) - تفسير السمعاني (2/ 60) - الجمهرة (2/ 186) - تفسير البغوي (1/ 111)].
(¬4) سورة آل عمران: 135.
(¬5) سورة البقرة: 255.
(¬6) ما بين [...] من "أ".
(¬7) في قوله تعالى: {سَفِهَ نَفْسَهُ} سبعة أوجه إعرابية، ذكر المؤلِّف أربعة منها، ويمكننا أن نستعرضها على النحو التالي:
الوجه الأول: أن تكون "نفسه" مفعولًا به لأن سفه يتعدى بنفسه كما حكاه ثعلب والمبرد. =

الصفحة 296