كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
الأول (¬1): استخف نفس إبراهيم حين رغب عن ملَّته، وكأن قولهم: فلانُ سفه الشراب: إذا أكثرَ منهُ، وعلى مثل (¬2) هذا قوله - عليه السلام -: "من سَفِهَ الحقّ" (¬3). وهذا قولٌ لم يروَ عن الأئمة.
والثاني: أنه جهل نفسه، ومنه قول: (عَلَيْهِ الحَقُّ سفيهًا أو وضيعًا) (¬4). ويحتمل قوله - عليه السلام -: "إلا من سفه الحقَّ"، وقولهم: فلانٌ سفه رأيه. وجهل النفس يؤدي إلى جهل منشِئِها، قال الله (¬5) تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)} (¬6).
وقال - عليه السلام -: "من عرف نفسَه فقد عرف ربَّه" (¬7). وإلى هذا ذهب الزجاج.
¬__________
= الوجه الثاني: أنه مفعول به ولكن على تضمين "سفِهَ" معنى فِعْل يتعدى، فقدره الزجاج وابن جني بمعنى جهلَ، وقدره أبو عبيدة بمعنى أهلك.
الوجه الثالث: أنه منصوب على إسقاط حرف الجر، تقديره: سَفِهَ في نفسه.
الوجه الرابع: توكيد لمؤكَّدٍ محذوفٍ تقديره: سَفِهَ قوله نفسَه، فحذف المؤكد، قياسًا على النعت والمنعوت، حكاه مكي.
الوجه الخامس: أنه تمييز، وهو قول بعض الكوفيين.
الوجه السادس: أنه مشبه بالمفعول به، وهو قول بعض الكوفيين.
الوجه السابع: أنه توكيد لمن سفه، لأنه في محل نصب على الاستثناء في أحد القولين، وهو قول الكرماني.
وأقرب الأقوال السبعة هو القول الأول، والله أعلم.
[معاني القرآن للزجاج (1/ 191) - مجاز القرآن لأبي عبيدة (1/ 56) - الكشاف (1/ 312) - الدر المصون (2/ 121)].
(¬1) (الأول) من "أ".
(¬2) (مثل) ليست من "ن" "أ".
(¬3) أبو يعلى (9/ 195)، والطبراني (1318)، ومسند الشاميين (1071). والحديث صحيح من حديث ثابت بن قيس، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 134).
(¬4) سورة البقرة: 282.
(¬5) (الله) من "أ".
(¬6) سورة الذاريات: 21.
(¬7) هذا ليس بحديث، فقد حكم عليه شيخ الإسلام وقبله النووي والسخاوي وابن السمعاني وغيرهم بالوضع، وذكر النووي أن معناه صحيح وهو أن من عرف نفسه بالجهل فقد عرف ربه بالعلم، ومن عرف نفسه بالفناء فقد عرف ربه بالبقاء، =