كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

{قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا} استفهام بمعنى الزجر والإنكار، ومحاجتهم تحتمل أوجهًا ثلاثة:
في ذات الله، كقولهم: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} (¬1) و {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} (¬2)، و {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} (¬3) و {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ} (¬4) وإنه {ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} (¬5)، بأفواههم التراب.
والثاني: في دين الله كقولهم: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} (¬6)، وقولهم لعبدة الأصنام: {هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} (¬7).
والثالث: في الاختصاص برحمة الله، كقوله: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} (¬8) و {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} (¬9).
والذي يبعد محاجتهم إقرارهم بأنَ الله ربهم متفرد بالقدم (¬10) يفعل ما يشاءُ ويحكم ما يريد ويجازي كلَّ عاملٍ بعمله.
{وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} الواو للاستئناف. وإخلاصنا هو الإخلاص بالتوحيد للهِ تعالى حيثُ لم ندَّعِ لهُ ولدًا ولا شبيهًا ولم نثبت للهِ حالا ولا محلًّا، لا كونَ العالَمِ شيئًا قبل تكوين اللهِ إياه.
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} قال مجاهد وابن أبي (¬11)
¬__________
(¬1) سورة المائدة: 18.
(¬2) سورة المائدة: 64.
(¬3) سورة آل عمران: 180.
(¬4) سورة الأنعام: 90.
(¬5) سورة المائدة: 73.
(¬6) سورة البقرة: 135.
(¬7) سورة النساء: 51.
(¬8) سورة البقرة: 111.
(¬9) سورة آل عمران: 75.
(¬10) في "أ": (القديم).
(¬11) في جميع النسخ: (ابن نجيح) وهو خطأ.

الصفحة 308