كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} (¬1) و (الانقلاب) الانصراف والنكوص (¬2).
وقوله: {عَلَى عَقِبَيْهِ} لتأكيد وصف الانقلاب كقولك: أقبل بوجهه، وولى على دبره، والعقب مؤخر القدم {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً} أي: وما كانت إلا كبيرة كقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} (¬3). {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} بنسخ القبلة، وذلك أنَّ اليهود قالوا للمؤمنين: إنْ كان دينكم الأول حقًا فقد بطل، وإن كان باطلًا فكيف حال إخوانكم الذين ماتوا عليه من قبل كأسعد بن زرارة (¬4) والبراء بن معرور (¬5)، فخطر ببال المؤمنين ذلك، وسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} هو الأصل وهو الدين ينسخ بعض الشرائع وهي الفروع، واللام في {لِيُضِيعَ} لام الجحود (¬6)، وما [كان] (¬7) الله ليضيع، والإضاعة نقيض الحفظ {رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (¬8) الرؤوف: يرحم على المصاب ولا أحد من الناس إلا وهو مصاب لاختلال حال، أو لاكتساب وبال.
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} عن البراء بن عازب قال:
¬__________
(¬1) سورة الزخرف: 55.
(¬2) في الأصل: (النكوس).
(¬3) سورة البقرة: 198.
(¬4) أسعد بن زرارة بن عدس السيد نقيب بني النجار أبو أمامة الأنصاري الخزرجي، من كبراء الصحابة. توفي شهيدًا بالذُّبحة [وهي داء يأخذ بالحلق وربما قتل] فلم يجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - نقيبًا علي بني النجار وقال: "أنا نقيبكم" فكانوا يفخرون بذلك.
[الاستيعاب (1/ 153)؛ أسد الغابة (1/ 86)؛ الإصابة (1/ 50)].
(¬5) البراء بن معرور بن صخر السيد النقيب أبو بشر الأنصاري الخزرجي أحد النقباء ليل العقبة. وكان أول من بايع ليلة العقبة الأولى، مات قبل قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة بشهر، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قبره فأتاه وصلَّى عليه صلاة الجنازة وقال: "اللهم اغفر له وارحمه وأدخله الجنة" [أخرجه الإِمام أحمد في مسنده (3/ 460) وإسناده صحيح].
[التاريخ الصغير للبخاري (1/ 20)؛ الاستيعاب (1/ 281)؛ أسد الغابة (1/ 207)؛ الإصابة (1/ 238)].
(¬6) لام الجحود هي المسبوقة بكوْنٍ منفي.
(¬7) ما بين [...]، مني ليستقيم الكلام.
(¬8) (رحيم) من الأصل.