كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

{الْحَقُّ} يحتمل أنه مبتدأ أو يريد ببما الحق المذكرر من قبل وهو البيت أو المسجد أو نعت نبينا -عليه السلام-، ويكون خبره في {مِنْ رَبِّكَ} وحكمه ويحتمل أن يكون {الْحَقُّ} خبر (¬1) مبتدأ محذوف، وتقديره: هو الحق، فيريد هو الوحي الذي ذكر فيه حالة أهل الكتاب هو الصدق من ربك (¬2)، {مِنَ الْمُمْتَرِينَ} والامتراء افتعال من المرية وهي الشك - نعوذ بالله منه- والوجهة والوُجهة الجهة، والمراد بها القبلة وما في معناها مما يجب أن يقبل عليها ولا يعرض عنها من أمور الدنيا نظيره: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (¬3) {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا} (¬4)، وهذه الآية منسوخة بقوله: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} وقيل: باقية غير منسوخة إذ في كل كتاب وجوب الإيمان بنبيِّنا عليه الصلاة والسلام (¬5) مصرّحًا ومعرّضًا وواجبات لم ينسخها الإسلام فهم مدعوون إليها {فَاسْتَبِقُوا} بادروا، والاستباق: المبادرة. قال الله تعالى: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ} (¬6).
{يَأْتِ بِكُمُ اللَّه} أي يحضركم الله ويجمعكم يوم (¬7) الجمع، وفيه تهديد لمن ترك أمره وتطميع لمن أطاعه، وإنَّما كرر {وَمِنْ حَيْثُ} للتأكيد (¬8)،
¬__________
(¬1) في الأصل: (غير).
(¬2) قال القرطبي في تفسيره (2/ 163): (والرفع على الابتداء أو على إضمار مبتدأ، والتقدير: هو الحق أو على إضمار فعل؛ أي جاءك الحق). اهـ. وفيه وجه آخر ذكره السمين الحلبي في تفسيره (2/ 170) وهو أنه مبتدأ والخبر محذوف والتقدير: والحق من ربك يعرفونه، وعلى هذا القول يكون الجار والمجرور في محل نصب حال من "الحق". وعلى قراءة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بنصب "الحقَّ" يكون فيه ثلاثة أوجه:
الأول: أن يكون منصوبًا على البدل من "الحق" قاله الزمخشري.
والئالْي: أن يكون منصوباَ بإضمار "الزم".
والثاك: أن يكون منصوبًا بـ "يعلمون" قبله. ذكره ابن عطية في تفسيره (1/ 448).
(¬3) سورة المائدة: 48.
(¬4) سورة الحج: 67.
(¬5) (الصلاة) من "ب".
(¬6) سورة يوسف: 25.
(¬7) في "أ" "ب" "ي": (ليوم).
(¬8) كرر {وَمِنْ حَيْثُ} ثلاث مرات فَحُمِل هذا التكرار على التأكيد. ذكر ذلك ابن الجوزي =

الصفحة 318