كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ} تشبيه وقع لإتمام النعمة كقوله: {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ} (¬1) {وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} أي: ما لا تعلمون يعني علم الأولين والآخرين (¬2) وشرائع الدين قد تضمنه قوله: {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} إلَّا أنه (¬3) أتى بلفظين مختلفين تأكيدًا {فَاذْكُرُونِي} عطف بالفاء لتعقيب الاهتداء وذكر (¬4) العبد إلهه هو ذكره مخلصًا بالثناء وذكر الله إياه بالرحمة وحسن (¬5) البلاء، والعبد يصل إلى ذكر الله (¬6) تعالى بذكره وقد أوجبَ الله تعالى ذكره على ما (¬7) ذكره (¬8) فإذا ذكر الله فهو العلة والجزاء.
{وَلَا تَكْفُرُونِ} ولا تجحدوني، نظيره في التعدي بغير الياء (¬9):
¬__________
= الثاني: أنه معطوف على علةٍ محذوفةٍ وكلاهما معلولها الخشية السابقة، فكأنه قيل: واخشوني لأُوَفِّيَكم وَلِأُتِمَّ نعمتي عليكم.
الثالث: أنه متعلق بفعل محذوف مقدر بعده، التقدير: ولأتم نعمتي عليكم عَرَّفْتُكم أَمْرَ قبلتكم. الرابع: وهو أضعفها -والله أعلم-: أن تكون متعلقة بالفعل قبلها والواو زائدة. التقدير: واخشوني لأتمَّ نعمتي. وهذه اللام هي لام "كي" وأن مضمرة بعدها ناصبة للمضارع.
[البحر المحيط (1/ 441) - الدر المصون (2/ 180)].
(¬1) سورة يوسف: 6.
(¬2) (والآخرين) من الأصل فقط.
(¬3) (أنه) ليس في "ب".
(¬4) في "أ": (فذكر).
(¬5) هذا حصر لمعنى ذكر الله بالرحمة وحسن البلاء، فإن ذكر الله للعبد ذكر حقيقي ودليله قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي: "يقول الله تعالى: أنا عند حسن ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرتُهُ في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرتُهُ في ملاْ خير منهم ... " الحديث أخرجه البخاري (13/ 328 - الفتح)، ومسلم (8/ 62)، والإمام أحمد في مسنده (2/ 251) وغيرهم.
(¬6) (الله) ليس في "أ" "ي".
(¬7) (ما) ليست في "أ" "ب" "ي".
(¬8) في "أ": (ذكر هم).
(¬9) قال أبو جعفر النحاس في إعراب القرآن (1/ 223): قوله: (وَلَا تَكفُرُونِ) نهي، فلذلك حذفت منه النون وحذفت الياء لأنه رأس آية وإثباتها حسن في غير القرآن.