كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
ليايل (¬1). {وَالنَّهَارِ} ضدّ الليل وجمعه النُّهر (¬2)، واختلافهما مخالفتهما في اللون والساعات أو تعاقبهما بأن يعقب كل واحد منهما الآخر.
{وَالْفُلْكِ} جمع وواحد، قال الله تعالى: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} إلَّا (¬3) أنَّ الضمة في الواحد كالضمة في المهُر وفي الجمع كالضمة في الأُسْد، وجري الفلك اندفاعها طافية على وجه الماء، وما ينفع الناس البضاعات، و (إحياء الأرض بعد موتها) إثارتها (¬4) واصلاحها للإنبات بعد تقطعها {وَبَثَّ} فرق ونشر (¬5) {مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} اسم عام لكل نفس تدبُّ على وجه الأرض {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} صرفها إلى الوجوه المقدَّرة واسكانها مرة وتهييجها أخرى {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} هو الغيم المذلل بينهما لا يرتفع فيلحق بالسماء ولا ينحدر فيلصق بالأرض، وهي مطيعة كما قال زيد بن عمرو (¬6):
إذا هي سِيْقَت إلى بلدةٍ ... أطاعَتْ فصبَّت عليها سجالا
¬__________
(¬1) في "أ": (ليال).
(¬2) قال الراغب: "النهار" هو ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس. وظاهر اللغة أنه من وقت الإسفار. وقال ثعلب والنضر بن شميل: هو من طلوع الشمس. ويجمع على نُهُر أو أَنْهِرَة نحو قذال وقُذُل وأَقْذِلَة. وقيل: لا يجمع لأنه بمنزلةِ المصدر، والصحيح أنه يجمع، ومنه قول الشاعر:
لولا الثريدان لَمُتْنَا بالضُّمُر ... ثريد ليلٍ وثريدٌ بالنُّهُر
[المفردات للراغب ص 528 - اللسان "نهر"- الدر المصون (2/ 199)].
(¬3) في الأصل: (لا).
(¬4) في الأصل: (إعادتها).
(¬5) (انظر: [تفسير الطبري (3/ 275) - ومجاز القرآن (1/ 62) - وتفسير السمعاني (2/ 118)].
(¬6) هو والد الصحابي الجليل أحد العشرة المبشرين بالجنة سعيد بن زيد، توفي قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد آمن بالنبي عليه الصلاة والسلام. وكان زيد بن عمرو بن نفيل قد ترك عبادة الأوثان في الجاهلية ولا يأكل إلا ما ذكر اسم الله عليه. وأخباره ذكرها ابن كثير وغيره مطولة، والبيت المذكرر ذكره ابن كثير في البداية والنهاية ضمن ترجمته في مجموعة من الأبيات.
[البداية والنهاية لابن كثير (2/ 237) - الصحابة لأبي نعيم (1/ 250) - أسد الغابة (2/ 143) - الإصابة (1/ 569)].