كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

قراءة الياء: لتابوا قبله ولما عبدوا الأوثان، وحذف جواب (لو) لتعظيم الشأن والحال (¬1) كما في قوله: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} (¬2).
{أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ} بأنَّ القوة لله، والقوة ما يمنع الانثناء (¬3) وهي ضدّ الضعف وهو عارض دخل بين البدل والمبدل، وإن قرأت بكسر الألف لم تحتج إلى إضمار. و (التبرؤ) تفعّل البراءة، وذلك قولهم: {أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ} (¬4) {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} أي: انقطعت بهم سبيل النجاة وهي الأرحام والوسائل، قال عليه الصلاة والسلام (¬5): "كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي" (¬6). والسبب قد يعبَّر به عن الطريق، قال الله تعالى: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)} (¬7) {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89)} (¬8).
¬__________
(¬1) اختلف النحويون في تقدير جواب "لو"، فمنهم من قدره قبل قوله: {أنَّ الْقُوَّةَ} ومنهم من قدره بعد قوله: {وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} وهو قول أبي الحسن الاْخفش والمبرد، وعلى القول الأول يكون "أن القوة" معمولا لذلك الجواب، والتقدير: لعلمتَ أيها السامع أن القوة لله جميعًا، ويكون الخطاب للنبي ولكل سامع، وعلى القول الثاني يكون التقدير: لقلت إن القوة لله جميعًا.
[الدر المصون (2/ 213) - ابن عطية (1/ 474)].
(¬2) سورة هود: 80.
(¬3) في "أ": (الانتفاء).
(¬4) سورة القصص: 63.
(¬5) (الصلاة) من "ب"، وفي "ي": (عليه الصلاة).
(¬6) هذا الحديث رواه أحمد في الفضائل (1333)، وعبد الرزاق في المصنف (10354)، والطبراني في الكبير (2633، 2635، 11621، 20/ 27)، وفي الأوسط (5606، 4132، 6609)، وبُحْشُل في "تاريخ واسط" (149)، وابن عدي في الكامل (1/ 271)، وأبو نعيم في "الحلية" (2/ 34، 7/ 314)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (10/ 271)، والبيهقي في السنن (7/ 63، 64، 114)، والضياء في المختارة (1/ 197، 198، 398).
(¬7) سورة الكهف: 85.
(¬8) سورة الكهف: 89.

الصفحة 331