كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
وإنَّما سمِّي الرشا نارًا (¬1) باسم المال لأنها تصير نارًا، وتكليم الله على وجوه؛ قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} (¬2) الآية، فالمنفي أحد الوجوه، المثبت الآخر، وعلى الجنس أنه على المجاوز والمراد به الإخبار عن شدة غضبه عليهم وطرده إياهم {وَلَا يُزَكِّيهِمْ} ولا يثني عليهم، وقيل: لا يبدل سيئاتهم حسنات و (المغفرة) والغفران بمعنى، وأصله الستر، ومعناه إلباس الغَفْر (¬3) وإنَّما اشتروا العذاب باشتراء موجبه بموجبها (¬4).
وقوله: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ} على التعجب {عَلَى (¬5) النَّارِ} على موجبها، وقيل: ما أدوم حبسهم عليها، وقيل: ما أجرأهم عليها، كما يقال: ما أصبر فلان على القتال (¬6).
{ذَلِكَ} إشارة إلى العذاب (¬7) أو نحوه {نَزَّلَ الْكِتَابَ} التوراة (¬8) أو الجنس و (الاختلاف) ضد الاتفاق، وهو أن يخالف كل طائفة غيرها.
¬__________
(¬1) في "ب": (مالًا).
(¬2) سورة الثمورى: 51.
(¬3) في الأصل: (العفر) وفي بقية النسخ (العفو) وكلها خطأ.
(¬4) في الأصل: (لموجبها).
(¬5) (التعجب على) ليست في "ب".
(¬6) قال القرطبي (2/ 236): (قال الحسن وقتادة وابن جبير والربيع: ما لهم والله عليها من صبر ولكن ما أجرأهم على النار! وهي لغة يمنية معروفة. قال الفراء: أخبرني الكسائي قال: أخبرني قاضي اليمن أن خصمين اختصما إليه فوجبت اليمين على أحدهما فحلف، فقال له صاحبه: ما أصبرك على الله! أي ما أجرأك عليه). اهـ.
(¬7) قال الطبري: وأولى الأقوال بتأويل الآية عندي أن الله جل ثناؤه أشار بقوله "ذلك" إلى جميع ما حواه قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ ....} أي ما ذكره من خبره عن أفعال أحبار اليهود وما أعدَّ لهم من العقاب. وعلى ذلك يكون هناك وجهان من الإعراب في "ذلك": الرفع على أنه فاعل بفعل محذوف، التقدير: وجب لهم ذلك، أو أنه مبتدأ وخبره "بأن الله" أو أنه خبر والمبتدأ محذوف، التقدير: الأمر ذلك، والإشارة إلى العذاب.
أما الوجه الثاني فهو النصب، التقدير: فعلنا ذلك.
[تفسير الطبري (3/ 72) - الدر المصون (2/ 244)].
(¬8) في الأصل: (التورية).