كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
يقال: قصصت ما بينهما، وقيل: القصاص تبعة على أثر الجناية بالمماثلة، والقصاص واجب في الحال بإيجاب الله تعالى، فأمَّا الاقتصاص غير واجب لا يجبر عليه كما في العقوبة والعاقبة، و {الْقَتْلَى} جمع قتيل كالمرضى جمع مريض، والمراد: السوية بين المسلمين جميعا وضيعهم وشريفهم كما في قوله: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}.
وقال-عليه السلام- (¬1): "المسلمون تتكافأ (¬2) دماؤهم" (¬3) الخبر (¬4) و {الْحُرُّ} الذي لا رقَّ عليه {وَالْعَبْدُ} الرقيق {وَالْأُنْثَى} زوج الذكر.
{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ} فأي قاتل عفي من أخيه المقتول حق في القصاص فعلى من لم يعفُ حصته من الأولياء {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} وعلى القاتل {وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} و (المعروف) اسم لكلِّ خير و (الأداء) اسم من التأدية، وهي التسليم، و {ذَلِكَ} إشارة إلى حكم العقوبة، والمراد بـ (الاعتداء) الرجوع إلى القصاص، ويحتمل أن المراد به أي الثلاثة: الرجوع والامتناع من الأداء والاتباع بالمنكر (¬5). {عَذَابٌ أَلِيمٌ} الاقتصاص من الراجع إلى القصاص وقيل: عذاب الآخرة.
¬__________
=وكان لأحد الحيين طول على الآخر فقالوا: نقتل بالعبد منَّا الحر منكم، وبالمرأة الرجل، فنزلت هذه الآية. وقد وصله الطبري في تفسيره عن الشعبي.
[أسباب النزول للواحدي ص 49 - العجاب لابن حجرص 239 - الطبري (933) - القرطبي (2/ 239) - تفسير الخازن (1/ 106)].
(¬1) (السلام) ليست في "ب".
(¬2) في "أ": (يتكافأ).
(¬3) رواه أبو داود (2751)، وابن ماجه (2683)، وابن أبي شيبة (27968)، والمنتقى لابن الجارود (771، 1073)، والبزار (486)، والحاكم (2625)، والبيهقي (8/ 29). وإسناده صحيح.
(¬4) في "ب": (الجزاء) وهو خطأ.
(¬5) المتعين في هذه الآية: {فَمَنِ اعْتَدَى} أي اعتدى فقتل بغير حق بعد أخذه الدية فله عذاب أليم، وهذا تفسير مجاهد وقتادة والربيع والحسن وغيرهم، رواه عنهم الطبري وابن أبي حاتم، ولذا يقول عليه الصلاة والسلام: "لا أُعافى رجلًا قتل بعد أخذه الدية" أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/ 67) عن سمرة مرفوعًا.
[الطبري (3/ 115) - ابن أبي حاتم (1/ 293)].