كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} ليس المراد بالحياة منع احترام الآجال، لأنه محال لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} ولقوله: {لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ} (¬1) (¬2) الآية، لكن المراد طيب الحياة بعد الممات بالنجاة من النار وتهيئة الحياة في الدنيا بالأمن من الغوائل بعد القصاص، والأمن من المقدمين على سفك الدماء إذا علموا بالقصاص، أو حياة القلب بنور الاتِّقاء عن حدود الله (¬3). (أولو) جمع لا واحد له وتأنيثه أولات، ومعناهما ذوو أو (¬4) ذوات، و (اللبّ) من كلِّ شيء خالصُهُ قاله أبو عبيدة.
{إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} لحالة تعرض من أسباب الموت قبل زوال التكليف بزوال القدرة {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} خلَّى مالًا كقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)} (¬5) و {الْوَصِيَّةُ} في اللغة العهد، وفي الشرع: عبارة عن إيجاب تصرُّف في المال على وجهِ التوكُّل مؤقتًا بالموت، وقد نسخ الوصيَّة للوالدين والأقربين قوله -عليه السلام-: "إنَّ الله تعالى قد أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، فلا وصيةَ لوارِثٍ" (¬6) هذا في حيِّز التواتر لما تلقته الفقهاء بالقبول (¬7)، وقيل:
¬__________
(¬1) (الأرض) ليست في "ب".
(¬2) سورة آل عمران: 156.
(¬3) ذكر هذه المعاني كل من [البغوي (1/ 148) - والزجاج في معاني القرآن (1/ 235) - والواحدي في الوجيز (1/ 46) - والطبري (3/ 120) - والفراء في معاني القرآن (1/ 110) - والسمعاني في تفسيره (2/ 143)].
(¬4) في "أ" "ي ": (و) بدل (أو).
(¬5) سورة العاديات: 8.
(¬6) رواه أبو داود (2870، 3565)، والترمذي (210، 2121)، والنسائي في المجتبى (6/ 247)، وفي الكبرى (2468)، وأحمد (4/ 186، 187؛ 5/ 267)، والطيالسي (1127)، وعبد الرزاق (7277)، وسعيد بن منصور (427، 428)، والدارمي (3260)، والطبراني في الكبير (7531،7615؛ 17/ 33)، وفي مسند الشاميين (541، 621)، والدارقطني في سننه (3/ 40، 70)، وابن الجارود في "المنتقى" (949)، وأبو يعلى (1508)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (788)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 264،244،212) عن عدَّة من الصحابة.
(¬7) قال ابن حجر في "تلخيص الحبير" (3/ 92): (قال الشافعي: وروى بعض الشاميين=