كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

الأوصياء {فَمَنْ خَافَ} والخوف بمعنى العلم، قال أبو محجن الثقفي (¬1):
إذا مِتّ واروني (¬2) إلى جنبِ كرمةٍ ... ترَوِّي عظامي بعدَ موتي كرُومُها
ولا تدفنوني في فلاةٍ فإنني ... أخاف إذا [ما] (¬3) متُّ أن لا أذوقَهَا (¬4)
{جَنَفًا} ميلًا إلى الباطل كناية عن الأقربين أو عما لم يسبق ذكره {فَلَا إِثْمَ} على الوصي بهذا التبديل الذي ورد فيه الوعيد فإن هذا مستثنى منه.
{كَمَا كُتِبَ} تشبيه بمجرد الصيام دون الصفات كلها، إذ التشبيه لا يوجب كون المشبه (¬5) به من جميع الوجوه، قال الله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ} (¬6) وقال: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ} (¬7) وقال: {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} (¬8) يحتمل تشبيه (¬9) الوجوب بالوجوب. و {الصِّيَامُ} في اللغة عبارة عن الإمساك عن الطعام، قال الشاعر:
خَيلٌ صيام وخيلٌ غير صائمةٍ ... تحتَ العجاجِ وأخرى تَعلُكُ اللجما (¬10)
¬__________
(¬1) أبو محجن الثقفي، اختلف في اسمه قيل: اسمه مالك بن حبيب، وقيل اسمه كنيته. أسلم حين أسلمت ثقيف وسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - وحدَّث عنه. كان شجاعًا شاعرًا إلا أنه كان منهمكًا في شرب الخمر، وجُلد فيها مرتان، وقد تاب من ذلك بعد أن شارك في حرب القادسية ورجع من الحرب قال: والله لا أشربها أبدًا، فلم يقربها بعد.
[الإصابة (4/ 175)؛ أسد الغابة (6/ 276) " الاستيعاب (4/ 182)].
(¬2) في جميع المصادر (فادفني).
(¬3) ما بين [...] من المصادر.
(¬4) البيت لأبي محجن الثقفي في ديوانه ص 48. وانظر: الطبري في تفسيره (2/ 461)، وابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 1749 - 1750)، والحموي في "معجم البلدان" (2/ 263)، والقرطبي في تفسيره (2/ 263؛ 3/ 57)، وابن حجر في الإصابة (7/ 364) وكتاب العين (5/ 369).
(¬5) في "أ" "ب" "ي": (كالمشبه).
(¬6) سورة آل عمران: 59.
(¬7) سورة الفرقان: 44.
(¬8) سورة يس: 39.
(¬9) في "ي" الأصل: (تسبه).
(¬10) البيت للنابغة الذبياني كما في ديوانه ص 240 وتفسير القرطبي (2/ 272)، لسان العرب "علك" (10/ 470)، وتهذيب اللغة (1/ 313)، والجمهرة ص 899، وكتاب العين (1/ 202).

الصفحة 343