كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

والمحبَّة والطلب، و {الْعُسْرَ} ما يتعسَّر ويشقّ، و {الْيُسْرَ} نقيضه، ولذلك يقال للعامل بيمينه أيسر، وللعامل بيساره أعسر.
{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} عدة (¬1) شهر رمضان إن كانت ثلاثين فثلاثين وإن كانت تسعًا وعشرين فتسعًا وعشرين، ويحتمل أنَّ المراد به الثلاثين عند الاشتباه (¬2)، ويحتمل عدة القضاء في الحالة الثانية، والواو فيه للعطف على معنى اليسر المراد، فكأنه قال: يريد الله لييسر عليكم {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} كما قال: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} (¬3) ويحتمل أن تكون لام كي بمعنى (¬4) أنَّ التقدير: يريد الله أن ييسِّر عليكم وأن تكملوا العدة، وكما قال: {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬5) أي أن نسلم {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} أراد اعتقاد تعظيم الله في الجملة، وقيل: تكبير يوم الفطر، وذلك سُنَّة أشار إليها القرآن من غير أمر بها.
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي} نزلت في المؤمنين حيث قالوا: "قريبٌ ربُّنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ " (¬6) وإنما سألوا هذا لا لأنهم لم يعلموا أنَّ ربَّهم
¬__________
(¬1) (عدة) ليست في "أ".
(¬2) في الأصل: (الأشباه).
(¬3) سورة النساء: 26.
(¬4) في هذه اللام في قوله: {وَلِتُكْمِلُوا} ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنها زائدة في المفعول به، كقولك: ضربتُ لزيدٍ، و"أنْ" مقدرة بعدها، التقدير: ويريد أن تكمِلُوا العدة، أي: تكميل، فهو معطوف على اليُسر كقول كثير:
أريد لأنسى حُبَّهَا فكأنَّما ... تَمَثَّلُ لي ليلى بكلِّ طريقِ
وهذا قول الزمخشري وابن عطية وأبي البقاء.
القول الثاني: أنها لام التعليل وليست زائدة.
القول الثالث: أنها لام الأمر وتكون الواو قد عطفت جملة أمرية على جملة خبرية.
[الكشاف (1/ 337) - الإملاء (1/ 82) - ابن عطية (1/ 518) معاني القرآن للفراء (1/ 114)].
(¬5) سورة الأنعام: 71.
(¬6) أورد هذا الطبري في تفسيره (3/ 222) وهو أحد القولين في سبب نزول الآية، وهو أن الصحابة قالوا: يا رسول الله أقريبٌ ربُّنا فنناجيه أم بعيدٌ فنناديه؟ فنزلت هذه الآية. والسبب الثاني في نزول الأية أنه لما نزل قوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} قالوا: يا رسول الله كيف ندعوه ومتى ندعوه؟ فنزلت الآية. =

الصفحة 349