كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
ظلَّ يومه يعمل فجاء صلاة العشاء فوضع رأسه فنام قبل أن يطعم فأصبح صائمًا (¬1)، فرآهُ النبي عليه السلام (¬2) من آخر النهار وقد أجود فقال: "إني أراك قد أجهدت" فقال: يا رسول الله، ظللتُ يومي أعمل فجئتُ صلاة العشاء فنمتُ قبل أن أطعم (¬3)، وجاءه عمر بن الخطاب وقد أصاب من النساء فنزلت الآية (¬4).
قال ابن عرفة: الرفث الجماع ههنا (¬5)، والرفث بالتصريح بذكر الجماع، وقال الأزهري (¬6): كلمة جامعة لكلِّ ما يريده الرجل من المرأة، وإنما عدَّاه بـ"إلى" اعتبارًا بالمعنى وهو الإفضاء، وكل شيء ستر شيئًا فهو لباس له، وقال ابن عرفة: اللباس من الملابسة وهي الاختلاط والاجتماع، وأنشده:
إذا ما الضجيعُ ثنى عطفه ... تثنَّت فكانت عليه لباسا (¬7)
{تَخْتَانُونَ} افتعال من إلى خيانة وهي النقص، والمراد: نقصهم أنفسهم الثواب والفضل حين ترخصوا بما لم يرخصه الله تعالى بعد قوله: {بَاشِرُوهُنَّ} على الوجوب في الظاهر، إلا أنا صرفناه إلى الإباحة وكذلك قوله: {كُلُوا وَاشْرَبُوا} والمباشرة إمساس البشرة البشرة (¬8) والمراد بها الرفث، و (الابتغاء)
¬__________
(¬1) في الأصل: (نائمًا).
(¬2) في "ب": (صلى الله عليه وسلم).
(¬3) الواحدي في "أسباب النزول" (45). وذكره الحافظ ابن حجر في "العجاب" ص 260 وقال: هذا الحديث مع إرساله ضعيف السند من أجل إسحاق بن أبي فروة، ولولا أني التزمت أن أستوعب ما أورده الواحدي لاستغنيتُ عن هذا. وقد ذكر المؤلف أن اسمه صرمة، وقيل: إن اسمه قيس بن صرمة الأنصاري كما عند الطبري في تفسيره (3/ 235).
(¬4) رواه أحمد (2/ 228 - 541)، وابن أبي حاتم في تفسيره (1677).
(¬5) ذكره القرطبي في تفسيره (2/ 315)، وهو مرويٌّ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: الرفث الجماع، أخرجه الطبري (3/ 229).
(¬6) كما في تهذيب اللغة "رفث" (15/ 77).
(¬7) البيت للنابغة الجعدي كما في ديوانه ص 81، وعند القرطبي (2/ 341) بلفظ:
إذا ما الضجيعُ ثنى جيدها ... تثنَّت عليه فكانت لباسا
(¬8) (البشرة) الثانية من "ب" "ي".