كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

اَلْأَهِلَّةِ} هكذا روي عن ابن عباس وقتادة والربيع (¬1) فبيَّن الله لهم وجه الحكمة في زيادة القمر ونقصانه (¬2)، وهو أن يشترك الناس كلهم في معرفة مواقيتهم التي هي لمعاملاتهم وحجهم وصومهم وذكاتهم من غير استخراج بحساب دقيق مخوف عليه من غلط فاحش، و {الْأَهِلَّةِ} جمع هلال كالإمام والأئمة، قال الزجاج (¬3): الهلال يكون ليلتين من أول الشهر، وقيل: ثلاث ليال، وقال الأصمعي (¬4) (¬5): ما لم يتحجر أي بخيط مستدير، وقيل: ما لم يَبْهَرُ بالليل ثم يصير قمرًا، و (المواقيت) جمع ميقات كميزان وموازين، والميقات هو الوقت من زمان أو مكان، والواو في قوله {وَالْحَجِّ} إن كان للعطف فالأهلة كلها مواقيت (¬6) للحج وإن كانت
¬__________
(¬1) أما عن قتادة فليس فيه التصريح بمن سأل، فهو عند الطبري (3/ 280). وأما عن الربيع بن أنس فهو عند الطبري (3/ 280).
(¬2) في الأصل: (وانقضائه).
(¬3) ذكره الزجاج في معاني القرآن (1/ 259).
(¬4) عبد الملك بن قريب بن عبد الملك أبو سعيد الأصمعي البصري اللغوي الأخباري. ولد سنة بضع وعشرين ومائة. وقد أثنى الإمام أحمد بن حنبل على الأصمعي في السُّنَّة، قال عمر بن شبَّة: سمعتُ الأصمعي يقول: أحفظ ستة عشر ألف أرجوزة، وقال الشافعي: ما عَبَّرَ أحدٌ من العرب بأحسن من عبارة الأصمعي. وقال الذهبي: كتب الأصمعي شيئًا لا يحصى عن العرب، وكان ذا حفظ وذكاء ولطف فساد. توفي سنة خمس عشرة ومائتين.
[تاريخ ابن معين (374)؛ طبقات النحويين للزبيدي (167)؛ تاريخ بغداد (10/ 410)؛ إنباه الرواة (1972)؛ السير (10/ 175)].
(¬5) قول الأصمعي عند ابن الجوزي في زاد المسير (1/ 196)، والقرطبي (2/ 341)، ومعاني القرآن للزجاج (1/ 259).
(¬6) يتعين- والله أعلم- في قوله: {وَالْحَجِّ} أن يكون عطفًا على (الناس) ويكون التقدير: ومواقيتُ الحَجِّ، فحذف الثاني اكتفاءً بالأول. وقوله: {مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} ليس المعنى لذوات الناس بل لا بدَّ من مضاف، أي: مواقيت لمقاصد الناس المحتاج فيها للتأقيت فهو في الحقيقة ليس معطوفًا على الناس، بل على المضاف المحذوف الذي ناب (الناس) منابه في الإعراب.
[الدر المصون (2/ 304) - البحر المحيط (2/ 62)].

الصفحة 356