كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
حبيب (¬1) عن أسلم قال: حمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم فصاح به الناس، فقالوا: يلقي بيده إلى التهلكة، فقام أبو أيوب الأنصاري وقال: أيها الناس، إنكم لتأولون هذه الآية على هذا التأويل، وإنما نزلت فينا يا معشر الأنصار لما قوي الإسلام وكثر ناصروه أمرنا أن نقيم في أموالنا ونصلح ما ضاع منها، فردَّ الله تعالى ذلك علينا وأنزل قوله: {وَأَنْفِقُوا في سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فكانت التهلكة الإقامة في الأموال وإصلاحها، فما زال أبو أيوب شاخصًا في سبيل الله حتى دفن بالروم (¬2).
وروي أن رجلًا من أزد شنؤة تقدم وحده إلى الكفار في محاصرة دمشق فردَّه المسلمون وأتوا به عمرو بن العاص (¬3) فلامه وأنكر عليه (¬4)،
¬__________
= [تاريخ البخاري (3/ 120)؛ الكامل (6/ 35)؛ تذكرة الحفاظ (1/ 185)؛ وفيات الأعيان (3/ 37)].
(¬1) هو الإمام الحجة مفتي الديار المصرية يزيد بن أبي حبيب سويد أبو رجاء الأزدي، ولد بعد سنة خمسين في دولة معاوية، وهو من صغار التابعين، كان من جلة العلماء العاملين، ارتفع بالتقوى مع كونه مولى أسود. قال أبو سعيد بن يونس: كان مفتي أهل مصر في أيامه وكان حليما عاقلًا، قال الليث بن سعد: يزيد سيِّدنا وعالمنا. مات في سنة ثمان وعشرين ومائة وهو ما بين الخمس والسبعين إلى الثمانين.
[الثقات (5/ 546)؛ سير أعلام النبلاء (6/ 31)؛ طبقات الحفاظ (1/ 59)؛ تهذيب التهذيب (11/ 278)؛ رجال مسلم (2/ 355)].
(¬2) الواحدي في أسباب النزول (50 - 52)، وأصل الرواية عند البخاري (4516).
(¬3) هو عمرو بن العاص بن وائل السهمي أبو عبد الله، ويقال: أبو محمَّد، أسلم سنة ثمان قبل الفتح، وقيل: بين الحديبية وخيبر، ولَّاه النبي - صلى الله عليهوسلم - على جيش ذات السلاسل، كان من فرسان قريش وأبطالهم، وكان أحد الدهاة في أمور الدنيا المقدمين في الرأي والمكر والدهاء، نزل مصر وهو الذي افتتحها في خلافة عمر بن الخطاب، ومات بها وكان واليًا عليها ليلة الفطر سنة إحدى أو اثنتين وستين في ولاية يزيد بن معاوية، وقيل: بل مات سنة ثلاث وأربعين في ولاية معاوية.
[الاستيعاب (3/ 1184)؛ الثقات (3/ 265)؛ تهذيب التهذيب (8/ 49)؛ سير أعلام النبلاء (3/ 54)؛ رجال مسلم (2/ 65)؛ الإصابة (4/ 650)].
(¬4) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (1747).