كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

الواجب في التأكيد كقوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} وقيل: أراد بها العمرة الواجبة بالإحرام المتقدم؛ لأنه قال: {وَأَتِمُّوا} والإتمام إنما هو بعد الشروع، وعلى هذا حجة على من لم يأمر القارن بطوافين وسعيين، وقرأ الشعبي: {والعمرةُ} بالرفع (¬1)، ويراها تطوعًا ويجوز التطوع بما لا أصل لها في الفرائض كالاعتكاف.
{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} منعتم بالعوائق من الخوف والمرض والفقر، وروى إبراهيم بن علقمة {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} من مرض أو حبس قال: فحدثت به سعيد بن جبير (¬2) فقال: هكذا قال ابن عباس (¬3)، ونحر هدي الإحصار لا يجوز في غير الحرم لما روي عن ناجية بن جندب الأسلمي (¬4) عن أبيه أنه ذهب بهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5) وأخذ في شعبة لا يبصرونه حتى نحره بالحرم {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} شاة فصاعدًا، والهدى والهدي لغتان، و (الحلق) والسبت واحد ورأس الشخص الطرف الأَعْلَى خلفه أو مقدمه، والحلق ساقط عن المحصر كسائر أفعال المناسك و (بلوغ الهدي محله) بلوغه الحرم كقوله: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (¬6).
¬__________
(¬1) وقرأ بالرفع علي وابن مسعود وزيد بن ثابت. فيكون الرفع على الابتداء و (لله) الخبر على أنها جملة مستأنفة.
[الشواذ ص 12 - البحر المحيط (2/ 72) - ابن عطية (1/ 542) - ونسبها القرطبي (2/ 369) إلى الشعبي وأبي حيوة].
(¬2) في الأصل: (جبيرة) وهو خطأ.
(¬3) تفسير ابن أبي حاتم (1766).
(¬4) هو ناجية بن جندب بن عمير الأسلمي، صحابي جليل، سمَّاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ناجية إذ نجا من قريش، وكان اسمه ذكوان. استعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على هديه حين توجه إلى الحديبية وإلى عمرة القضية. وشهد فتح مكة، واستعمله على هديه في حجة الوداع، فكان يعرف - رضي الله عنه - بأنه صاحب بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان نازلًا في بني سلمة. ومات بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان.
[الاستيعاب (4/ 1522)؛ الإصابة (6/ 399)؛ تهذيب الأسماء (2/ 422)؛ تهذيب التهذيب (10/ 356)].
(¬5) (صلى الله عليه وسلم) من "ب".
(¬6) سورة المائدة: 95.

الصفحة 363