كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} متعبداتكم بمنى (¬1)، وقال مجاهد (¬2): ذبائحكم، واختلفوا في تشبيه ذكر الله بذكر الآباء، قيل: من حيث التوحيد، فكما لا يدَّعي (العاقل لنفسه أبوين فكذلك لا يدعي) (¬3) إلهين (¬4)، وقيل: من حيث إنَّ الصبي يفزعُ في كلِّ أموره إلى أبيه فكذلك المؤمن يجب أن يفزعَ إلى الله تعالى (¬5)، وقيل: كان أهل الجاهلية يقفون بين الجبل والمسجد ويذكرون آباءهم بصالح الأعمال ويتفاخرون بذلك (¬6)، فأمر الله سبحانه وتعالى أن يذكروه هناك بصفاته الحميدة فإنه أولى {أَوْ أَشَدَّ} بل أشد، وقيل: {أَوْ} (¬7) بمعنى الواو.
{فَمِنَ النَّاسِ} قريشًا وأمثالهم كانوا لا يسألون الله تعالى إلا ثواب الدنيا وكانوا ينكرون المعاد {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا} نزلت في المؤمنين، وقيل: أول من دَعا بها أبو بكر في الحج الأكبر (¬8)، والحسنة في الدارين هي النعمة عند مجاهد والعافية (¬9) عند قتادة (¬10)، ويحتمل أنه
¬__________
(¬1) في "ب" "أ": (هنا) بدل (مني).
(¬2) تفسير ابن أبي حاتم (1867) بلفظ: (إهراقة الدم)، وهو عند الطبري في تفسيره (3/ 534).
(¬3) ما بين (...) ليس في "أ".
(¬4) قال القرطبي (2/ 431): هو قول جمهور المفسرين.
(¬5) رواه الطبري في تفسيره (3/ 537) عن عطاء والضحاك والربيع.
ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره (1871) عن عطاء.
وعزاه القرطبي (2/ 431) إلى ابن عباس.
(¬6) تفسير الطبري (3/ 536) عن مجاهد.
(¬7) (أو) ليست في الأصل.
(¬8) روي في سبب نزول هذه الآية عن أبي وائل رواه الطبري في تفسيره (3/ 542) قال: كان أهل الجاهلية يقفون بعد قضاء مناسكهم فيقولون: اللهمَّ ارزقنا إبلًا، اللهمَّ ارزقنا غنمًا، فأنزل الله هذه الآية.
وأما قول المؤلف أن أول من دعا بها أبو بكر في الحج الأكبر فلم أجد من ذكره، والله أعلم.
(¬9) لم أجده عن مجاهد، ولكن عزاه ابن الجوزي في زاد المسير (1/ 216) لابن قتيبة.
(¬10) تفسير الطبري (3/ 554)، وتفسير ابن أبي حاتم (1881)، وعبد الرزاق في تفسيره (1/ 80).

الصفحة 369