كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
كنانته (¬1) وقال: والله لا أضع سهمًا إلا في قلب رجل ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي، إنْ شئتم فتقدموا وإن شئتم فخلّوا سبيلي وأدلّكم على مالي بمكة، فقالوا: نخلِّي سبيلك، فدلَّهم على ماله، وهو عربي من ولدِ النمر بن قاسط سبته الروم في صغره ثم وقع بالحجاز وصار مملوكًا لزيد بن جدعان فكان يسمى صهيبًا الرومي. و (المرضاة) مصدر مثل المرحمة.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} نزلت في العامة، وقيل: نزلت في قوم من اليهود كانوا قد أسلموا ويتحرجون عن بعض رخص الإسلام مثل أكل لحوم الإبل ونحوه (¬2)، و {السِّلْمِ} بالكسر: الإسلام، وإذا أريد به الصلح (¬3) فالفتحة والكسرة لغتان. {كَافَّةً} نصب على الحال أو التأكيد، ويجوز بناء على التنوين كما في يومئذ. و (الكافة) مأخوذة من لغة الشيء وهو صرفه ونهايته.
وفي فحوى قوله: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} تهديد لأن العزيز لا يمنعه شيء عن معاقبة المفسدين من عبيده {هَلْ يَنْظُرُونَ} نزلت في المتثبطين عن الإيمان مع مشاهدة الآيات على وجهِ التهديد. و {هَلْ} أداة استفهام، والمراد به النفي كما تقول: هل بقي بعد هذا شيء {يَنْظُرُونَ} ينتظرون، كقوله: {انظُرُونَا} (¬4) وقوله: {انظُرَنا} (¬5). ولقوله: {فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} ثلاثة معانٍ: أحدها: كون المأتي في ظلل من الغمام كما نقول: (أتيت فلانًا في بيته فخرج إليَّ، والثاني: إتيان الآتي بظلل كما تقول) (¬6) أتاهم السلطان في عسكر لجب، والثالث: [لبس الأمر على المأتي كما
¬__________
(¬1) في الأصل: (كناية).
(¬2) ذكره الواحدي في أسباب النزول من "تفسير عبد الغني الثقفي" (59). وعبد الغني الثقفي واهٍ في الحديث لا يعتدُّ بنقل كما ذكره ابن حجر في "العجاب" (1/ 530). وعزاه ابن الجوزي في زاد المسير (1/ 224) لابن عباس من رواية أبي صالح.
(¬3) في الأصل: (الصح).
(¬4) سورة الحديد: 13.
(¬5) سورة البقرة: 104.
(¬6) ما بين (...) ليس في "أ".