كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

صعاليك المهاجرين (¬1). و (التزيين) قريب من التحسين، والزينة هو الحسْن المكتسب، فالكفار زُيِّنَ لهم الحياة الدنيا حيث نظروا إلى بهجتها المحسوسة ولم يتفكَّروا في عاقبتها فأُعجبوا بها ولهوا عن غيرها كما قال: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)} ومزيِّنها لهم هو الله، قال: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} وقال: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا} والسخرية: الاستهزاء.
{وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ} في الرتبة والحال {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} {بِغَيْرِ حِسَابٍ} بغير مناقشة في حسابه مثل نعمة سليمان، وقيل: بغير أن يكون عليه حساب يعني نعيم الآخرة، وقيل: ما لا يحصيه كل أحد لكثرته يعني نعيم الآخرة أيضًا.
{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} قال ابن عباس (¬2): كانوا على شريعة من الحق من لدن آدم إلى أن كفروا في عصر نوح -عليه السلام- (¬3)، وقيل: إلى أن قتل قابيل هابيل (¬4)، وقيل: كانوا أمة على الجاهلية في عصر نمرود إلى أن أرسل الله إبراهيم وذويه عليهم (¬5) السلام (¬6) {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} نصب على الحال (¬7)،
¬__________
= أبي جهل وأصحابه، كانوا يتنعمون بما بسط الله لهم ويسخرون من المؤمنين، فنزلت الآية. وروى سبب النزول هذا البغوي في تفسيره (1/ 185).
(¬1) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (1/ 228) وقال: نزلت في علماء اليهود. وهو قول مجاهد كما في ابن أبي حاتم في تفسيره (1968).
(¬2) ابن جرير في تفسيره (3/ 621)، والحاكم في المستدرك (2/ 480، 596، 599)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (1/ 242) للبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم، ولم أجده في تفسير ابن أبي حاتم المطبوع في تفسير هذه الآية، والله أعلم.
وقد ورد هذا المعنى عن جمع من التابعين. وانظر: تفسير ابن أبي حاتم (2/ 376 - 377)، والدر المنثور (1/ 242)، والطبري (3/ 623) وما بعدها.
(¬3) (السلام) ليست في "ي".
(¬4) هذا القول عزاه ابن الجوزي في زاد المسير (1/ 229) لابن الأنباري.
(¬5) في "أ": (عليه).
(¬6) هذا القول ذكره القرطبي في تفسيره (3/ 31) ولم يذكر النمرود.
(¬7) قوله: {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} هما حالان من {النَّبِيِّينَ} وهي حال مقدرة وليس كما قيل أنها حال مقارنة على أن بعثهم كان وقت البشارة والنذارة.
[الدر المصون (2/ 374)].

الصفحة 376