كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
{وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} أي ومع إرسالهم، وقيل معهم بمعنى عليهم، والمراد بالكتاب الجنس، {بِالْحَقِّ} أي: بالدين. والأحكام التي هي (¬1) الحق وما اختلفوا فيه هو مثل اختلافهم في آدم عليه السلام وفي ملة إبراهيم عليه السلام (¬2) وفي أمر سليمان وعيسى عليه السلام، وغير ذلك من الأهواء وما اختلفوا فيه (¬3) من (¬4) شيء إلا من بعد أن (¬5) أوتوا علمهُ (¬6) لينفي فيما بينهم {فَهَدَى اللَّهُ} المؤمنين {بِإِذْنِهِ} إلى الحق الذي اختلفوا فيه، واللام مكان "إلى" في قوله: {مِنَ الْحَقِّ} تفسير لما اختلفوا فيه (¬7).
{أَمْ حَسِبْتُمْ} قد سبق الكلام في (أَم) إذا كانت متصلة أبنيت على استفهام سابق، وإذا كانت منقطعة أبنيت على كلام سابق، وهو ذكر أشهر الكفرة بالمؤمنين وما يصيب المؤمنين من ذلك من الحزن {وَلَمَّا يَأْتِكُمْ} ولم يأتكم، و (لما) و (لم) بمعنى (¬8) إلا أن (لم) يقتضي نفيًا مجردًا، و (لما)
¬__________
(¬1) في "أ": (هو).
(¬2) (السلام) ليست في "ي".
(¬3) في "ي" "أ": (في).
(¬4) (من) ليست في "ي" "أ".
(¬5) (أن) ليست في "ب".
(¬6) في الأصل: (علة).
(¬7) قولهُ: {مِنَ الْحَقِّ} يمكن أن تكون في موضع نصب على الحال من "ما" في قوله {لِمَا}. وأجاز أبو البقاء أن يكون {مِنَ الْحَقِّ} حالًا من الضمير في "فيه" والعامل فيها {اخْتَلَفُوا}، وزعم الفراء أن في الكلام قلبًا وهو اختيار الطبري والأصل: فهدى الله الذين آمنوا للحق مما اختلفوا.
[الإملاء (1/ 91) - معاني القرآن للفراء (1/ 131) - الطبري (3/ 630)].
(¬8) قوله: {وَلَمَّا يَأْتِكُمْ} "لما": هي حرف وجوب لوجوب على مذهب سيبويه، وهي على مذهب الفارسي وأبي البقاء ظرف بمعنى "حين"، وهي حرف جزم معناه النفي المتصل بزمان الحال، والفرق بينها وبين "لم" من وجوه:
الوجه الأول: أنه قد يحذف الفعل بعدها في فصيح الكلام إذا دلَّ عليه دليل كقول الشاعر [ينسب لذي الرمة وليس في ديوانه]:
فجئتُ قبورهم بَدْءًا ولمَّا ... فناديتُ القبورَ فلم يُجِبْنَهْ
أي ولما أكن بدءًا أي مبتدئًا بخلاف "لم" فإنه لا يجوز ذلك فيها.
والوجه الثاني: أن "لمَّا" لنفي الماضي المتصل بزمان الحال و"لم" للنفي مطلقًا.=