كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف ينفق، وكان ذلك قبل الزكاة فأنزل (¬1): {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} عن ابن عباس: لما كتب الجهاد على المسلمين شقَّ عليهم ذلك لما فيه من المشقة، فنزلت الآية (¬2). قال ابن عرفة: الكُره بضم الكاف المشقة، والكَره بالفتح ما أكرهت عليه (¬3)، تقديره: ذو كره (¬4) لكم. (عسى) لعلَّ، وهو حرف يشبه الفعل {أَنْ تَكْرَهُوا} شيئًا على قضيَّة الطبيعة أو على قضيَّة (¬5) مجرد العقل [{وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} أي على قضيَّة الوحي مثل التقرب بالرأس وبذل النفس في الجهاد {وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا} يعني على قضيَّة الطبيعة ومجرد العقل] (¬6) {وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} على قضيَّة الوحي مثل الانتفاع بقليل الخمر والانتفاع بالميتة قبل أن يتسارع (¬7) إليه الفساد {وَاللَّهُ يَعْلَمُ} يعني علل النصوص والمصالح فيها.
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} نزلت في أول غزاة غزاها المسلمون، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث عبد الله بن جحش (¬8) قبل بدر بشهرين في
¬__________
(¬1) ذكر ابن حجر في "العجاب" (1/ 533 - 535) أنَّ مقاتل والثعلبي والواحدي في أسباب النزول ذكروه عن ابن عباس من رواية الكلبي، وكذا ذكره ابن عساكر في "ذيل الأعلام"، وعزاه صاحب الدر المنثور (1/ 243) لابن المنذر.
(¬2) انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 234).
(¬3) قرأ الجمهور "كُرْهٌ" بضم الكاف، وقرأ السلمي بفتحها، فقيل: هما بمعنى واحد، أي: مصدران كالضَّعْفِ والضُّعْفِ، قاله الزجاج وتبعه الزمخشري، وقيل: المضموم اسم مفعول والمفتوح مصدر.
وأما تقدير المؤلف بقوله: "ذو كره" هذا على تأويل يجوز معه الإخبار به عن "هو"، وذلك التأويل إما على حذف مضاف فيكون التقدير على نحو ما ذكره المؤلف: "ذو كره" أو على المبالغة أو على وقوعه موقع اسم المفعول.
[معاني القرآن للزجاج (1/ 280) - الكشاف (1/ 356) - الدر المصون (2/ 386)].
(¬4) في الأصل: (وذكره).
(¬5) (أو على قضية) ليست في "ب".
(¬6) ما بين [...] ليست في "ب".
(¬7) في "أ": (تسارع).
(¬8) هو عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي، من المهاجرين الأولين، وممن هاجر الهجرتين. شهد بدرًا، واستشهد يوم أُحد، يُعرف بـ: المجدع في الله لأنه مُثِّل به يوم أُحد وقطع أنفه.
[الاستيعاب (3/ 877)؛ معجم الصحابة (2/ 108)؛ تهذيب الأسماء (1/ 248)].