كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
الحسَن: تحريم الخمر ثبت بهذه الآية؛ لأنَّ الإثم لا يكون إلا في تناول المحظور مع أنَّ (¬1) الله صرَّح تحريم الإثم (¬2) بقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ} (¬3) وقال قتادة: ثبت بآية المائدة وهو قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (¬4) يدل على النهي ويدل عليه ما روي عن عمر أنه كره شرب الخمر فدعا فقال: اللهمَّ بيِّن لنا في الخمر، فنزل قوله: {فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} فدعا ثانيًا فنزل قوله: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} (¬5) فدعا ثالثًا فنزل قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} فقال عمر: انتهينا انتهينا. وقد حصل إجماع أهل الإِسلام على حرمة الخمر وإن اختلفوا في محرمها (¬6).
الميسر الجزور الذي كانوا يتقامرون عليه بقداح لهم سمي ميسرًا لأنه موضع التجزئة وكل (¬7) شيء جزَّأته فقد يسرته، والياسِر الجازر (¬8).
¬__________
= وأبو نعيم في الحلية (7/ 224)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (4/ 189، 202)، والبيهقي في سننه الكبرى (8/ 297)، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 257) وقد ورد مرفوعًا ولا يصح.
(¬1) (أن) ليست في "أ".
(¬2) إطلاق الإثم على الخمر معروف في كلام العرب، ومنه قول الشاعر:
نشرب الإثم في الصباحِ جهارا ... فترى الكاس بيننا مستعارا
وقول الشاعر أيضًا:
شربتُ الإثم حتى ضَلَّ عقلي ... كذاك الإثمُ تذهبُ بالعقولِ
[لسان العرب "أثم" (12/ 6) - تهذيب اللغة (15/ 161) - تاج العروس "أثم"].
(¬3) سورة الأعراف: 33.
(¬4) سورة المائدة: 91.
(¬5) سورة النساء: 43.
(¬6) اختلف أهل العلم في هل لهذه الآية تأثير في تحريم الخمر أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أن هذه الآية تقتضي ذمها دون تحريمها، وهو مرويٌّ عن السدي وأشياخه وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة ومقاتل.
الثاني: أن لها تأثيرًا في التحريم، وهو قول جماعة من أهل العلم منهم الزجاج.
وانظر: زاد المسير لابن الجوزي (1/ 241).
وأما قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الذي ذكره المؤلف عندما نزل قوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} فقال عمر: انتهينا انتهينا، فرواه الطبري في تفسيره (3/ 682).
(¬7) في "أ": (فكل).
(¬8) (الجازر) ليست في "أ".