كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1) (¬2) مخالطتهم، وعن الشعبي (¬3) والضحاك (¬4) أنهم كانوا يتورَّعون (¬5) عن أموال اليتامى ويتشاءمون بمخالطتهم على العادة الجاهلية.
قوله: {عَنِ الْيَتَامَى} أي: عن أموالهم {قُلْ إِصْلَاحٌ} الرعاية والحفظ {خَيْرٌ} من الإضاعة {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ} بالأموال فتأكلوا معًا وتشربوا معًا من غير تمييز فهم إخوانكم، وقد قال الله: {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} الآية {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} أي الذي يخالطهم ليفسد أموالهم ليسَ (¬6) كالذي يخالطهم ليصلح أموالهم {لَأَعْنَتَكُمْ} لكلَّفكم ما يشقُّ عليكم، والعنت المشقة، وأكمة عنوت أي شاقَّة المصعد، وعنت البعير إذا أحدث في قوائمه كسر بعد جبر (¬7)، وقال ابن الأعرابي: أصل العنت التَّشديد، يقال: فلان يتعنَّت فلانًا ويُعْنِتُهُ ثم نقل إلى معنى الهلاك (¬8).
{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} نزلت في مرثد بن أبي مرثد الغنوي (¬9) وكان
¬__________
(¬1) (صلى الله عليه وسلم) من "ب".
(¬2) رواه أحمد في المسند (1/ 325)، والنسائي (6/ 256)، والحاكم (2/ 278 - 279)،
وسفيان الثوري في تفسيره (91).
(¬3) الطبري (3/ 701).
(¬4) الطبري (3/ 704).
(¬5) في "أ ": (يتنازعون).
(¬6) كلمات غير واضحة فلعلها (ليفسد).
(¬7) انظر: تهذيب اللغة (2/ 273) - معاني القرآن للزجاج (1/ 287) - تفسير البغوي (1/ 214) - الطبري (3/ 710).
(¬8) نقله القرطبي في تفسيره (3/ 66) عن ابن الأنباري، وكذا نقله ابن الجوزي عنه في زاد المسير (1/ 244). فلعله تصحيف من الناسخ أو من الجرجاني نفسه. والمعروف عن ابن الأعرابي أنه قال: الإعنات تكليف غير الطاقة. هكذا نقله عنه الأزهري في تهذيب اللغة (2/ 275) كما نقل عن ابن الأنباري قوله: أصل العنت التشديد.
(¬9) هو الصحابي الجليل مرثد بن أبي مرثد كناز الغنوي، حليف حمزة بن عبد المطلب، آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أوس بن الصامت، شهد مرثد بدرًا وأحدًا وقتل يوم الرجيع شهيدًا، وكان أميرًا على السرية، وذلك في صفر على رأس ستة وثلاثين شهرًا من مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة.
[تهذيب التهذيب (1/ 524)؛ معجم الصحابة (3/ 70)؛ الطبقات الكبرى (3/ 48)؛ الإصابة (6/ 70)؛ تهذيب الأسماء (2/ 393)].