كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

{غَفُورٌ} لم يؤاخذ باللغو {حَلِيمٌ} لم يتعجل بالعقوبة ومكّن من التربة عن الغموس و (الحليم) الذي لا يغلقه الغضب.
{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} نزلت في حكم الإيلاء وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يحلفون على ترك قرب (¬1) نسائهم السنة والسنتين لا يقربوهنَّ ولا يسرحوهنَّ، فوقَّت الله ذلك بأربعة أشهر (¬2)، وحكم الإيلاء {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} ولا تربص بعدها لحظة كما في المطلقة ثلاثة قروء وفي المتوفى عنها زوجها بعد أربعة أشهر وعشرًا، وإن وقت أقل من أربعة أشهر لم يكن موليًا، والإيلاء الحلف والألية والألوة {فَإِنْ فَاءُوا} يعني في الأربعة الأشهر، وفي قراءة عبد الله (¬3): {فإن فاءوا} فيهن، والفيء للقادر بالحنث، وهو الوطء ولغير (¬4) القادر بقوله: فِئْتُ لأن الإيلاء لا يزيل الملك في الحال، وإنما يزيل في ثاني الحال فجاز فيه الاستدراك بالقول إذا لم يكن بالفعل كالطلاق الرجعي.
{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ} يعني ترك الفيء إلى انقضاء مدة الإيلاء وقعت تطليقة بائنة، هكذا روي عن عثمان (¬5) وعليّ وزيد بن ثابت (¬6) وابن عباس
¬__________
(¬1) (قرب) من "أ" "ي".
(¬2) رواه الواحدي في أسباب النزول (72) عن ابن عباس، ورواه سعيد بن منصور في سننه (2/ 27)، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 158) ولفظه: قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك، فوفت الله أربعة أشهر، فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء؛ وسنده إلى ابن عباس ضعيف.
(¬3) في "أ": (أبي عبد الله).
(¬4) في "أ": (وبغير).
(¬5) هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي، أمير المؤمنين، ذو النورين، أحد السابقين الأولين، والخلفاء الأربعة، والعشرة المبشرين، كنيته أبو عمرو، وقيل أبو عبد الله، ولقبه ذو النورين، له مناقب كثيرة لا تحصى، فقد اشترى الجنة في أكثر من موطن، استشهد في ذي الحجة بعد عيد الأضحى سنة خمس وثلاثين، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة، وعمره ثمانون، وقيل: أكثر، وقيل: أقل.
[الاستيعاب (3/ 1037)؛ الطبقات الكبرى (3/ 53)؛ تهذيب الأسماء واللغات (297)؛ الإصابة (4/ 456)؛ تهذيب التهذيب (7/ 127)؛ تقريب التهذيب (385)].
(¬6) هو زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان، الأنصاري النجاري، أبو سعيد =

الصفحة 394